للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إنى اصرع وإنى أتكشف فادع الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت: اصبر وإنى أتكشف فادع الله لي ألا أتكشف فدعا لها أخرجه الشيخان (١) {١٤٦}

كان صرعها من الجن لا من الخلط (فقد روى) ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت: " إنى أخاف الخبيث أن يجردني فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتى أستار الكعبة فتتعلق بها " أخرجه البزار (٢). {١٤٧}

(وفى هذه) الأحاديث بيان فضل من يصرع ويصبر وأن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة ولم يضعف عن التزام الشدة (وفيها) دليل على جواز ترك أتتداوى وأن علاج الأمراض بالدعاء والالتجاء إلى الله تعالى أنجح وأنفع من العلاج بالعقاقير وأن تأثير ذلك وانفعال البدن عنه أعظم من تأثير الأدوية البدنية (٣) ٠

(قال) ابن القيم: وعلاج هذا النوع يكون بأمرين:

(أ) أمر من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلي فاطر هذه الأرواح وبارئها والتعوذ الصحيح الذي تواطأ عليه القلب واللسان فإن هذا نوع محاربة والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا أمرين: أن يكون السلاح جيدا وأن يكون الساعد قويا فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل فكيف إذا عدم الأمران بخراب القلب من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه ولا سلاح له.


(١) تقدم رقم ١٢ صفحة ٧.
(٢) انظر ص ٩١ ج ١٠ فتح البارى (فضل من يصرع من الريح)
(٣) انظر ص ٩١ ج ١٠ فتح البارى (فضل من يصرع من الريح)