للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فرارا منه - يعنى الطاعون. أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود (١). {٢٤٦}

أما إذا كان الخروج لحاجة أخرى فلا يشمله النهى كمن تهيا للرحيل من مكان إلى آخر ولم يكن طاعون ثم وقع وهو مستعد للانتقال. أما من عرضت له حاجة فأراد الخروج إليها مع قصد الفرار من الطاعون ففيه خلاف. فمن منع نظر إلى قصد الفرار. ومن أجاز نظر إلى عروض الحاجة للخروج.

(فائدتان): (الأولى) حكمة النهى عن الدخول في مكان الطاعون ما فيه من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة كم أراد دخول دار فرأى بها حريقا تعذر إطفاؤه فعدل عن دخولها لئلا يهلك. فيحتمل أن النهى سد لذريعة لئلا يعتقد من يدخل الرض آلتي بها الطاعون - أنه لو دخلها وطعن - العدوى المنهي عنه (وقيل) إنما نهى عن الانتقال إلى مكان الطاعون لأن الانتقال بغير المزاج ويضعف القوى فإذا ضعفت القوى وتغير المزاج كان تأثير الهواء الموبوء أسرع.

وأما النهى عن الخروج فرارا من الطاعون فلحكم (منها) أن مثل هذا الداء إذا وقع بأرض اضعف الأبدان وأثر فيها. وقد ثبت أن الانتقال يضعف الأبدان أيضا فتتفاقم البلية فلذا نهى عن الخروج (ومنها) أن الطاعون في الغالب يكون عاما فيعمم سببه من بالمكان فلا يفيده الفرار. لأن المفسدة إذا تعينت كان الفرار عبثا فلا يليق بالعاقل (ومنها) أن الأقوياء لو توافقوا على الخروج لضاع من عجز عنه بمرض أو غيره لفقد من يتعهده حيا وميتا. وفيه أيضا كسر قلوب الضعفاء (٢).


(١) انظر ص ١٤٣ ج ١٠ فتح البارى (ما يذكر فى الطاعون) وص ٢١٠ ج ١٤ نووى (الطاعون) وص ٢٣٤ ج ٨ - المنهل العذب (الخروج من الطاعون).
(٢) انظر ص ١٤٧ ج ١٠ فتح البارى (الطاعون).