للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجبت عليه زكاة الحولين، ولا يجوز وجوب فرضين في نصاب واحد في حال واحد. وقياس المالكية الزكاة على سائر العبادات ينقلب عليهم، فإننا نقول هذه عبادة فلا يشترط لوجوبها إمكان أدائها كسائر العبادات، فإن الصوم يجب على الحائض والمريض العاجز عن أدائه والصلاة تجب على المغمي عليه والنائم ومن أدرك من أول الوقت جزءا ثم جن أو حاضت المرأة، والحج يجب على من أيسر في وقت لا يتمكن من الحج فيه أو منعه من المضي مانع. ثم الفرق بينهما أن تلك عبادات بدنية يكلف فعلها ببدنه فأسقطها تعذر فعلها. وهذه عبادة مالية يمكن ثبوت الشركة للمساكين في ماله والوجوب في ذمته مع عجزه عن الأداء كثبوت الديون في ذمة المفلس وتعلقها بماله بجنايته (١).

(ب) شروط صحة أداء الزكاة:

... يشترط لصحة أدائها شرطان:

... (الأول) الإسلام- عند المالكية- بناء على المعتمد عندهم من أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة. فلا تصح الزكاة من الكفار عندهم، كما لا تجب عليه عند غيرهم القائلين بأن الكفار غير مخاطبين بالفروع.

... (الثانية) النية المقارنة لأداء الزكاة حقيقة أو حكما- بأن دفع إلى الفقير بلا نية ثم نوى والمال بيد الفقير- أو المقارنة لعزل المقدار الواجب إخراجه لقوله تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين" (٢). فإن الإخلاص هو النية لأنه عمل قلبي (ولحديث) عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات" أخرجه الشيخان (٣). {٢٩}

أي إنما صحتها بالنية (وقد) أجمع العلماء على أن النية فرض في الزكاة وغيرها من مقاصد العبادات، لكنه لو تصدق بكل المال ولم ينو الزكاة سقطت- عند الحنفيين- لدخول الواجب فيما تصدق به فلا يحتاج للتعيين.


(١) انظر ص ٥٣٩ ج ٢ مغنى ابن قدامة.
(٢) سورة البينة: آية ٥.
(٣) انظر ص ٨ ج ١ فتح الباري (بدء الوحي) وص ٥٣ ج ١٣ نووي.