للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعطى النبي صلى الله عليه وسلم اليهود نخل خيبر مساقاة ليعملوا فيها ويكون لهم نصف الثمار. ثم أمر ابن رواحة بخرصها ليظهر نصيب اليهود من نصيبه صلى الله عليه وسلم؛ وليعلم قدر الزكاة في نصيبه صلى الله عليه وسلم، وخيرهم بين "أخذ التمر" بهذا الخرص ودفع قيمة ما يخص النبي صلى الله عليه ولم "أو دفعه إليه" وأخذ قيمة ما يخصهم منه حتى لا يكون هناك ظلم. (وقد) دل الحديث على أن خرص البلح يكون عند بلوغ صلاحه وأنه يكفي فيه العدل العارف الواحد. وبه قالت المالكية والحنبلية وبعض الشافعية. وقال بعضهم: لابد من اثنين.

(وروى) سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ صدقة النخل تما. أخرجه أبو داود وبان ماجه وابن حبان والدارقطني والترمذي وقال: حسن غريب. وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة. وسألت البخاري عن هذا فقال: حديث ابن جريج غير محفوظ. وحديث سعيد بن المسيب عن عتاب أصح (١). {١٠١}

وفي الحديث انقطاع (٢) (وحكمة) الخرص أن الفقراء شركاء أرباب الأموال في الثمر، فلو منع رب المال

من الانتفاع بالثمر إلى صلاحه لأضره ذلك. ولو انبسطت يده في الثمر لأخل ذلك بحق الفقراء. ولما كانت الأمانة غير متحققة عند كل واحد من أرباب الأموال وعمالهم وضع الشارع هذا الضابط ليتأتى لرب المال الانتفاع به مع حفظ حق المساكين (وفي الحديث) دليل على أن الزكاة لا تخرج عقب الخرص وإنما تخرج إذا صار الرطب تمرا والعنب


(١) انظر ص ٢٠٩ ج ٩ - المنهل العذب المورود (خرص العنب) وص ٢٨٦ ج ١ ابن ماجه (خرص النخل والعنب) وص ٢١٦ - الدارقطني. وص ١٧ ج ٢ تحفة الأحوذى (الخرص) و (أسيد) بفتح فكسر.
(٢) (انقطاع) لأن سعيدا لم يدرك عتابا فإن سعيدا ولد سنة ١٥ هـ وعتابا مات سنة ١٣ هـ. قال النووي: هذا الحديث وإن كان مرسلا لكنه اعتضد بقول الأئمة.