للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١٠) إخراج الطيب:

ينبغي للمزكي أن يتحرى دفع الطيب الوسط من ماله في الزكاة ويتجنب دفع الردئ لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد" (١).

المعنى أن الله تعالى يأمر عباده المؤمنين بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وينهاهم عن التصدق بردئ المال ودنيئه فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا. ولذا قال: "ولا تيمموا الخبيث" أي لا تقصدوا المال الرديء فتخصوه بالإنفاق. ففي الآية الأمر بالتصدق بالطيب دون الردئ سواء الصدقة المفروضة والتطوع، وأنه ينبغي لرب المال أن يعطي الصدقة ولو تطوعا من أفضل ماله كسبا ونوعا، فإن ذلك أقرب إلى القبول وأجدر بالثواب العظيم،


(١) سورة البقرة آية: ٢٦٧ "ولستم بآخذيه" أي لو أعطيتموه ما أخذتموه "إلا أن تغمضوا فيه" أي تتغاضوا في أخذه والله الغني عنه. فلا تجعلوا لله ما تكرهون" واعلموا أن الله غني حميد" أي وإن أمركم بالصدقات وبالطيب منها فهو غني عنها وما ذاك إلا أن يواسي الغنى الفقير كقوله تعالى: "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم" وهو غني عن جميع خلقه وكلهم فقراء إليه وهو واسع الفضل لا ينفد ما لديه، فمن تصدق بصدقة من كسب طيب فليعلم أن الله غني واسع العطاء كيم جواد وسيجزيه بها ويضاعفها له أضعافا كثيرة وهو المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره لا إله غيره ولا رب سواه.

... (روى) عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم" قال: من الذهب والفضة "ومما أخرجنا لكم من الأرض" يعني من الحب والثمر وكل شيء فيه زكاة. أخرجه ابن جرير في تفسيره (انظر ص ٥٤ ج ٣) وقال البراء: كانت الأنصار يعطون في الزكاة الشيء الدون من الثمر فنزلت: "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم" الآية. فالدون هو الخبيث. ولو كان لك على إنان شيء فأعطاك شيئا دونه فقد نقصك بعض حقك قبلته فهو الإغماص (انظر ص ١٣٦ ج ٤ بيهقي- يحرم على صاحب المال أن يعطي الصدقة من شر ماله).