للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وأجاب) الحنفيون بأن الحديث ضعيف بالنعمان بن راشد، فقد ضعفه غير واحد، وأيضا فإن أكثر الروايات ليس فيها ذكر الفقير فكانت هذه رواية شاذة فلا تقبل (وأجاب) الجمهور عن حديث "لا صدقة إلا عن ظهر غني" بأن المشهور فيه ما روى أبو هريرة مرفوعا: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي (١). {١٢٩}

وهو لا ينافى طلبها من الفقير (ولعل) الظاهر قول الجمهور: إنها واجبه على الفقير الذي يجد ما يؤديها منه زائدا عن قوته وقوت من يمونه يوم العيد وليلته. (قال) الخطابي: وفي حديث عبد الله بن ثعلبة أنها تلزم الفقير إذا وجد ما يؤديه، ألا تراه يقول: وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه، فقد أوجب عليه أن يؤديها عن نفسه مع إجازته له أن يأخذ صدقة غيره (٢).

(وأما) التكليف فليس شرطا في وجوب الفطرة عند الأئمة الثلاثة، والنعمان وأبي يوسف، فتجب في مال الصبي والمجنون الغنيين يخرجها الولي منه وإلا أخرجها الولي عنهما من ماله (وقال) محمد وزفر: لا فطرة عليهما، فلو أدى الأب أو الوصي من مالهما لا يضمن عند الجمهور، ويضمن عند محمد وزفر، لأنها عبادة والعبادة لا تجب على غير المكلف.

(وقال) الجمهور: إنها ليست بعبادة محضة بل فيها معنى المؤنة فأشبهت زكاة الحرث (وكذا) صوم رمضان ليس شرطا لوجوب الفطرة، فمن أفطر لكبر أو مرض أو سفر يلزمه صدقة الفطر، لأن الأمر بأدائها مطلق عن هذا الشرط ولأنها تجب على غير المكلف بالصوم (٣).


(١) انظر ص ١٩٠ ج ٣ فتح الباري (لا صدقة إلا عن ظهر غنى) وص ٣٢٧ ج ٩ - المنهل العذب المورود (الرجل يخرج من ماله) وص ٣٥٠ ج ١ مجتبي (الصدقة عن ظهر غنى).
(٢) انظر ص ٥٢ ج ٢ معالم السنن (كم يؤدي في صدقة الفطر).
(٣) انظر ص ٧٠ ج ٢ بدائع الصنائع.