للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتاني نحو من خمسين شيخا من أبناء المهاجرين والأنصار مع كل رجل منهم الصاع تحت ردائه كل رجل منهم يخبر عن أبيه أو عن أهل بيته أن هذا صاع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، فنظرت فإذا هي سواء فعايرته، فإذا هو خمسة أرطال وثلث بنقصان يسير فرأيت أمرا قويا فتركت قول أبي حنيفة رضي الله عنه في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة. ذكره البيهقي (١).

(ب) ومن قال: الصاع ثمانية أرطال اعتبره من الماء (لما روي) عبد الكريم عن أنس بن مالك قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال" أخرجه الدارقطني والبيهقي بسند ضعيف (٢). {١٤٠}

(وقال) والصحيح عن أنس بن مالك: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمس أمداد. ثم أخبرت أسماء بنت أبي بكر أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر بالصاع الذي كانوا يقتاتون به. فدل ذلك على مخالفة صاع الزكاة والقوت صاع الغسل (٣) (ومنه) يعلم أنه لا خلاف في وزن مد وصاع الفطرة. والاشتباه إنما جاء لعدم بيان المكيل بهما وهو يختلف خفة ورزانة (٤).


(١) انظر ص ١٧١ ج ٤ بيهقي.
(٢) انظر ص ٢٢٦ - الدارقطني. وص ١٧١ ج ٤ بيهقي.
(٣) انظر ص ١٧٢ منه.
(٤) وذلك أن الماء أثقل من العدس وهو أثقل من الحلبة والفول. وهما أثقل من البر والحمص وهما أثقل من الذرة الشامي وهي أثقل من الذرة الطبيعي وهي أثقل من التمر والشعير. فإن الصاع منهما يزن ٦٩٣ وثلث درهم وهي خمسة أرطال وثلث بالعراقي. والصاع من الماء العذب الصافي أو المعين ١٠٤٠ درهم وهي ثمانية أرطال بالعراقي. وقد وزن القدح المصري فوجد أنه يسع من القمح ٤٧٠ درهم ومن الذرة الشامي ٤٥٤ ونصف درهم ومن الشعير ٣٧٠ ونصف درهم، أي أنه يسع مدين وثمن مد تقريبا إذا وضع الحب بلا زلزلة ولا دك ولا تقبيب باليد. فزيادة ثمن المد تقابل ما في الحب من الطين والتراب. فالقدح بحالته يساوي نصف الصاع "وأما" ما في كتب المالكية من أن الصاع بالكيل المصري قدح وثلث قدح "ففيه" شيء من التسامح حتى لو تمشينا على ما اشهر عنهم من أن الدرهم الشرعي أقل في الوزن من الدرهم العرفي. فإن الصاع على ما قالوا يسع من متوسط الشعير ٦٨٢ درهما شرعيا بضرب خمسة أرطال وثلث في مقدار الرطل عندهم وهو ١٢٨ درهم وهي بالدرهم العرفي ٥٣٧ درهم تقريبا بضرب دراهم الصاع وهي ٦٨٢ في مقدار الدرهم الشرعي وهو ٥٠.٤ حبة من الشعير وقسمة الحاصل على مقدار الدرهم العرفي وهو ٦٤ حبة ينتج ٥٣٧ درهم عرفي تقريبا. وتقدم أن القدح المصري يسع من الشعير ٣٧٠ درهم ونصف درهم فإذا قسم مقدار الصاع على مقدار القدح كان الخارج ١ .. ٤٥ أي قدح ونصف تقريبا "وما اشتهر" في كتب الحنفيين من أن الصاع قد حان وثلثا قدح "فمبني" على أن الصاع ثمانية أرطال بالعراقي وأن الخلاف في وزنه حقيقي وقد علمت أنه لفظي وأنه لا خلاف في أن صاع الفطرة خمسة أرطال وثلث بالعراقي (انظر تمامه ص ٢٢٣ ج ٩ - المنهل العذب المورود).