والقيام والتوبة من جميع الآثام فلو علم هؤلاء الجهال ما في قيام رمضان من الثواب ونزول الرحمات لرجعوا إلى الله تائبين وعلى ما فرطوا نادمين. ولكن استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون. نعم نرى المساجد يؤمها في رمضان كثير من الناس ولكنهم قليلون بالنسبة لمن يؤم محلات الفساد والفجور. فالعاقل من خالف نفسه وهواه وتاب إلى مولاه وأقبل في رمضان على طاعة الله وأكثر فيه من الصدقة على أهل الفقه والاحتياج ووصل الأرحام واعتصم بحبل الله الذي لا ينام واستمسك بالعروة الوثقى وبذا يجوز الفصل والرضا ويكون من حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون.
(٧) كف الصائم جوارحه عما لا يرضى ربه: هذا مطلوب من الصائم وغيره إلا انه من الصائم آكد. والجوارح سبعة.
(١) اللسان: فعلى الصائم حبسه عن النطق بالفحش والبهتان والمراء والخصومة والكذب وغيرها من الآثام. قال الله تعالى "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (١) " ويلزم الصمت والاشتغال بالطاعة من صلاة وذكر وتلاوة.
(١) سورة ق آية: ١٨ و (رقيب) أي ملك يرقب قوله وفعله ويكتبه. و (عتيد) أي حاضر (روي) عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (ما يلفظ من قول غلا لديه رقيب عتيد) قال: يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى إنه ليكتب قوله: أكلت وشربت ذهبت جئت رأيت حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان من خير أو شر وألقى سائره. فذلك قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم (وقال) ابن عباس أيضاً: إنما يكتب الخير والشر لا يكتب: يا غلام أسرج الفرس يا غلام اسقني الماء. أخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر والحاكم وصححه (وروي) عمرو بن ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عند لسان كل قائل فليتق الله عبد ولينظر ما يقول" أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبيهقي في الشعب (انظر ص ٧٦ ج ٥ فتح القدير الشوكاني).