للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإنما) نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة بهم لئلا يشق عليهم (روي) نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل فواصل الناسُ فشق عليهم فنهاهم، قالوا: إنك تواصل، قال: "لست كهيئتكم إني أظل أطعم وأشقى" أخرجه البخاري (١) {٩٣}

... وهل النهي للتحريم؟ (قال) الحنفيون ومالك والشافعي والجمهور: إنه للكراهة لأن النبي صلى الله عليه وسلم واصل بالصحابة ولو كان حراماً ما واصل بهم وقال ابن حزم والظاهرية: النهي للتحريم واختاره ابن العربي المالكي أخذاً بظاهر النهي (ورد) بأنه مصروف عن التحريم (بحديث) أبي هريرة، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل بأصحابه (وبحديث) عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال: إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصيام والحجامة للصائم إبقاء على أصحابه ولم يحرمهما على أحد. أخرجه أحمد بسند صحيح (٢) {٩٤}

... (وقال) أحمد وإسحاق وابن المنذر وبعض المالكية: يجوز الوصال إلى السحر ويكره الزائد عليه (لحديث) أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر (الحديث) أخرجه أحمد والبخاري وأبو داود (٣) {٩٥}

(قالوا) هذا الوصال لا يترتب عليه مشقة ولا حرج، فقد تناول الأكلة التي للصائم في اليوم والليلة غير أنه نقلها من أول الليل إلى آخره، وكان هذا عوناً على قيام الليل. (ولا يخفى) أن محل ذلك لم يشق على الصائم وإلا فلا يكون قربة. (وفي) الحديثين رد على من قال: إن الإمساك بعد الغروب لا يجوز


(١) انظر ص ٩٨ ج ٤ فتح الباري (بركة السحور ............ )
(٢) انظر ص ٣٦ ج ١٠ - الفتح الرباني.
(٣) انظر ص ٨٥ ج ١٠ - الفتح الرباني (الوصال إلى السحر) وص ١٤٩ ج ٤ فتح الباري وص ٨٥ ج ١٠ - المنهل العذب المورود (الوصال).