(٤) تبرد الصائم: يباح له أن يدفع عن نفسه الحر أو العطش بصب الماء على رأسه أو بدنه كله أو بالمضمضة والاستنشاق بلا مبالغة فيهما عند الجمهور ومنهم أبو يوسف (لقول) رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسكب على رأسه الماء بالسقيا إما من الحر وإما من العطش وهو
= ملأ الفم فسد صومه. وإن لم يملأ الفم أو كان ما قاءه بلغما فلا يفسد صومه. ومن ذلك يعلم أن ما يصل إلى الجوف لا يفسد الصوم إلا إذا وصل إليه من منفذ منفتح عرفاً. وهذا مذهب الحنفية وهو مذهب الشافعية إلا فيما لو وجد عين الكحل في حلقه كأن ظهرت في نحو نخامة فإنه إن ابتلعها فسد صومه وإلا فلا (قال) ابن قاسم العبادي في حاشية التحفة (قوله مفتوح) أي عرفاً أو فتحاً يدرك اهـ فأخرج بقوله: عرفاً أو فتحاً يدرك العين فإنها لا تسمى منفذاً منفتحاً في العرف وليس انفتاحها مدركاً كما أنه أخرج بهما مسام الجلد فإن انفتاحهما لا يدرك إلا بالاستعانة اهـ (وقال) الشرقاوي على التحرير قوله وإن وجد طعم الكحل خرج به ما لو وجد عينه كان ظهرت في نحو نخامة فإن ابتلعها ضر وإلا فلا (وأما المالكية) فقالوا لا يفسد الصوم إلا وصول شيء مائع إلى الحلق أو وصول شيء إلى المعدة سواء وصل من الأعلى أو من الأسفل بشرط أن يكون من طريق متسع كالدبر وفرج المرأة وأما الحقنة في الإحليل (الذكر) فلا تفسد الصوم (وأما) الحنابلة فقالوا كما في شرح المنتهي هامش شرح في الإقناع ص ٥٧٠ ج ١ مانصه: لو أفطر في إحليله أو غيب فيه شيئاً فوصل إلى المثانة لم يبطل صومه اهـ ومن هذا يعلم أن الحقنة تحت الجلد لا تفسد الصوم باتفاق المذاهب الأربعة سواء كانت للتداوي أو للتغذية أو للتخدير وفي أي موضع من ظاهر البدن لأن مثل هذه الحقنة لا يصل منها شيء إلى الجوف من المنافذ المعتادة أصلاً وعلى فرض الوصول، فإنما تصل من المسام فقط وما تصل إليه ليس جوفاً ولا في حكم الجوف. وليست تلك المسام منفذاً منفتحاً لا عرفاً ولا عادة، ومثل الحقنة تحت الجلد فيما ذكر الحقنة في العروق التي ليست في الشرايين والحقنة التي تكون في الشرايين وكلاهما أيضاً لا يصل منه شيء إلى الجوف لكن الفرق أن الحقنة التي في الشرايين تكون في الدورة الدموية ولذلك لا يعطيها إلا الطبيب. فالحق أن الحقنة بجميع أنواعها المتقدمة لا تفخر. (مجلة الإرشاد غرة رمضان سنة ١٣٥١ - العدد الثاني من السنة الأولى. صفحة ٤٢ وما بعدها).