للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم الكلام هنا في ستة فصول:

(١) صوم المسافر: دلت أحاديث الباب على جواز صيام رمضان وفطره للمسافر وبه قال عامة العلماء. واختلفوا في الأفضل منهما (فقال) الحنفيون ومالك والشافعي والثوري: الصوم في السفر أفضل لمن قوي عليه والفطر أفضل لمن يقو على الصيام؛ لقوله تعالى: "وأن تصوموا خير لكم" و (لحديث) أبي الدرداء السابق ففيه فطر من اشتد عليهم الحرّ من الصحابة ولم يقو على الصيام وصيام النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة، لأنه لم يجهدها (وحديث) أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يجد الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم يرون أن من وجد قوة فصام ذلك حسنٌ ويرون أن من وجد ضعفاً فأفطر فإن ذلك حسن" أخرجه أحمد ومسلم والبيهقي (١) {٢٢٩}

(وقال) أحمد وإسحاق: الفطر أفضل (لحديث) جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان في سفر فرأى رجلاً قد اجتمع الناسُ عليه وقد ظلل عليه فقال ماله؟ قالوا هذا رجلٌ صائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس البر أن تصوموا في السفر" أخرجه أحمد ومسلم (٢) {٢٣٠}

تمسك بعض الظاهرية بهذا وقال إذا لم يكن من البر فهو من الإثم فدل على أن صوم رمضان لا يجزئ في السفر. وحمله أحمد على الكراهة (ورد) بأن الحديث معناه إذا شق عليكم وخفتم الضرر كما يدل عليه


(١) انظر ص ١٠٢ ج ١٠ الفتح الرباني (جواز الفطر والصوم في السفر) وص ٢٣٤ ج ٧ نووي وص ٢٤٥ ج ٤ بيهقي. و (لا يجد) بكسر الجيم أي لا يحقد على غيره.
(٢) انظر ص ١٠٦ ج ١٠ الفتح الرباني (أفضلية الفطر في السفر) وص ٢٣٣ ج ٧ نووي.