للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سياق الحديث وصوم النبي صلى الله عليه وسلم في السفر في شدة الحر ولو كان إثماً لكان أبعد الناس منه (قال) الخطابي: الحديث مقصور على من كان في مثل حال من سيق له فالمعنى ليس من البر أن يصوم المسافر إذا كان الصوم يؤديه إلى مثل هذه الحال بدليل صيام النبي صلى الله عليه وسلم في سفره ولتخييره في حديث حمزة الأسلمي بين الصوم والإفطار. ولو لم يكن الصوم براً لم يخيره فيه (١) (وعن) جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس معه فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنهم ينظرون فيما فعلت. فدعا بقدحٍ من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه فأنظر بعضهم وصام بعضهم فبلغه أن أناساً صاموا فقال "أولئك العصاة أولئك العصاة" أخرجه مسلم والترمذي وقال حديث حسن صحيح (٢) {٢٣١}

(وأجيب) بأنه محمول على من تضرر بالصوم لقوله: إن الناس قد شق عليهم الصيام أو أنهم أمروا بالفطر أمراً جازما لبيان جوازه فخالفوا الواجب. وعلى التقديرين لا يكون الصائم في السفر عاصياً إذا لم يتضرر به (وقال) ابن عمر: لأن أفطر في رمضان في السفر أحب إلي من أن أصوم، أخرجه البيهقي (٣) وهذا اجتهاد من ابن عمر فلا حجة فيه أو محمول على من يضعفه الصوم (والقول) الأول أعدل المذاهب.


(١) انظر ص ١٢٤ ج ٢ معالم السنن (اختيار الفطر).
(٢) انظر ص ٢٣٢ ج ٧ نووي وص ٤٠ ج ٢ تحفة الأحوذي (كراهية الصوم في السفر) و (كراع) بضم الكاف و (الغميم) بفتح الغين المعجمة واد أمام عسفان على نحو ثلاثة مراحل من مكة (وقال) الترمذي: قال الشافعي: إنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "ليس من البر الصيام في السفر" وقوله - حين بلغه أن ناساً صاموا- "أولئك العصاة" فوجه هذا إذا لم يحتمل قلبه قبول رخصة الله تعالى. فأما من رأى الفطر مباحاً وصام وقوي على ذلك فهو أعجب إلى (انظر ص ٤١ ج ٢ تحفة الأحوذي).
(٣) انظر ص ٢٤٥ ج ٤ بيهقي (من اختار الصوم في السفر إذا قوي عليه).