للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ب) فطر المسافر: يجوز للمسافر في أثناء الشهر الفطر ولو شهد أول رمضان في الحضر (لحديث) ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمة المدينة فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد- وهو ماءٌ بين عسفان وقديد- أفطر وأفطروا قال الزهري: وإنما يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الآخر فالآخر" أخرجه البخاري (١) {٢٣٢}

فيه دليل لمذهب الجمهور أن الصوم والفطر جائزان وفيه أن المسافر له أن يصوم بعض رمضان دون بعض ولا يلزمه بصوم بعضه إتمامه (٢) (وقال) ابن عباس: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في رمضان فصام وصام المسلمون معه حتى إذا بالكديد دعا بماء في قعبٍ


(١) انظر ص ٢ و ٣ ج ٨ فتح الباري (غزوة الفتح في رمضان). (وذلك على رأس ثمان سنين ونصف ... ) هكذا في رواية معمر وهو وهم الصواب على رأس سبع سنين ونصف وإنما وقع الوهم من كون غزوة الفتح كانت سنة ثمان. ومن ربيع الأول إلى رمضان نصف سنة. فالتحرير أنها سبع سنين ونصف (انظر تمامه بص ٣ ج ٨ فتح الباري) و (الكديد) بفتح فكسر مكان فيه ماء بينه وبين المدينة نحو سبع مراحل وعلى مكة من مرحلتين والمرحلة يقطعها المسافر في يوم. و (عسفان) بضم فسكون موضع بين مكة والمدينة على نحو ثلاث مراحل من مكة و (قديد) بالتصغير موضع بين مكة والمدينة (وقد) غلط بعض العلماء في فهم هذا الحديث فتوهم أن الكديد فريب من المدينة وأن قوله: فصام حتى بلغ الكديد. كان في اليوم الذي خرج فيه من المدينة فزعم أنه خرج منها صائماً فلما بلغ الكديد في يومه أفطر في نهار رمضان واستدل بهذا على أنه إذا سافر بعد طلوع الفجر صائماً له أن يفطر في يومه. ومذهب الحفنيين ومالك والشافعي والجمهور: أنه لا يجوز الفطر في هذا اليوم وإنما يجوز لمن طلع عليه الفجر في السفر. واستدلال هذا القائل بالحديث من العجائب لأن الكديد وكراع من الغميم على سبع مراحل أو أكثر من المدينة (انظر ص ٢٣٠ و ٢٣١ ج ٧ نووي).
(٢) انظر ص ٢٣٠ ج ٧ نووي مسلم.