للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو على راحلته فشرب والناس ينظرون بعلمهم أنه قد أفطر فأفطر المسلمون" أخرجه احمد (١) {٢٣٣}

المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه استمروا يصومون من خروجهم من المدينة حتى بلغوا كديداً. وهذه المسافة تستغرق نحو سبعة أيام ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء فشرب ليعلم الناس أنه قد أفطر فأفطروا (وفيه) دليل على أن فضيلة الفطر للمسافر لا تختص بمن أجهده الصوم أو خشي العجب والرياء أو ظن به الرغبة عن الرخصة بل يلتحق بذلك من يقتدي به ليتابعه من وقع له شيء مما ذكر ويكون الفطر في حقه حينئذ أفضل للبيان.

والأحاديث في هذا كثيرة وكلها تدل (أولاً) على أن للمسافر أن يفطر في أثناء الشهر ولو استهل رمضان في الحضر فإن النبي صلى الله عليه وسلم استهل رمضان عام الفتح وهو بالمدينة ثم سافر في أثنائه لعشر مضين منه وصام حتى بلغ الكديد بعد سبعة أيام ثم أفطر وبهذا قال عامة العلماء (٢) (ثانياً) تدل الأحاديث على أن من نوى الصوم وهو مسافر يجوز له الفطر وهو مذهب الجمهور وبه قطع أكثر الشافعية، وقال بعضهم: ليس له أن يفطر.

(جـ) متى يفطر من خرج مسافراً؟ يباح لمن خرج مسافراً الفطر متى جاوز مساكن البلد، لقول


(١) انظر ص ١١٣ ج ١٠ الفتح الرباني (من شرع في الصوم ثم أفطر) و (القعب) - بفتح فسكون- قدح من خشب.
(٢) (عامة العلماء) وشذ عبيدة السلماني وأبو مجاز وسويد بن غفلة فقالوا: لا يباح لمن سافر في أثناء الشهر الفطر لقوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وهذا قد شهده وهو مقيم (ورد) بأن الأحاديث الصحيحة الكثيرة دلت على أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد أول الشهر وهو مقيم ثم سافر بعد عشر منه ثم أفطر بعد سبعة أيام من سفره وقوله تعالى "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" معناه من شهد كله خالياً من الأعذار فليصمه ومن شهد بعضه كذلك صام ما لم يطرأ عليه مبيح للفطر وإلا أفطر.