للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وأجابوا) عن الحديث (أولاً) بأن أبا بصرة لعله ثبت عنده بنوع اجتهاد أنه يجوز الإفطار إذا نوى الصوم بالليل، وإلا فلا نص عن النبي صلى الله عليه وسلم (ثانياً) أنه يحتمل أن أبا بصرة كان مقيماً في فسطاطه فخرج منها ليلاً قبل الصبح ولم ينو الصوم، فصار مسافراً فجاز له الإفطار لما فارق بيوت مصر من الجهة التي ركب فيها السفينة (١).

(٢) ودل الحديث أيضاً على أنه لا يجوز لمن خرج مسافراً الفطر حتى يجاوز مساكن البلد. وبه قال الأئمة الأربعة والجمهور، لظاهر قوله في الحديث (ما تغيبت عنا منازلنا بعدُ) أي أتأمرنا بالطعام قبل بعدنا عن البيوت. قال: ذلك مستغرباً لظنه أن الفطر لا يجوز للمسافر وهو يرى العمران. فلا يباح له الفطر حتى يخلف البيوت وراء ظهره ويخرج من بين بنيانها.

(د) مسافة السفر المبيح للفطر: أقل مسافة يباح فيها الفطر للمسافر ثلاثة أميال أي فرسخ (٥٥٦٥ متر) عند الظاهرية (روي) روي منصور الكلبي أن دحية بن خليفة خرج من قرية من دمشق مرة إلى قدر قرية عقبة من الفسطاط (وذلك ثلاثة أميال) في رمضان ثم إنه أفطر وأفطر معه ناسٌ وكره آخرون أن يفطروا. فلما رجع إلى قريته قال: والله لقد رأيت النوم أمراً ما كنت أظن أني أراه، إن قوماً رغبوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقول ذلك للذين صاموا ثم قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك- أخرجه احمد والطحاوي وأبو داود وهذا لفظه والبيهقي، ومنصور الكلبي قال ابن المديني: مجهول ووثقه العجلي وباقي رجاله ثقات يحتج بهم في الصحيح (٢).

القرية من دمشق هي قرية مزة- بكسر الميم وشد الزاي- كان يسكنها


(١) انظر ص ١٦٠ ج ١٠ المنهل العذب المورود (الشرح).
(٢) انظر ص ١١٨ ج ١٠ الفتح الرباني. وص ١٦٠ ج ١٠ المنهل العذب المورود (قدر مسيرة ما يفطر فيه) وص ٢٤١ ج ٤ بيهقي.