للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الثلث الأول، فإِنْ كانت التركة مائة جنيه مثلاً ونفقة الحج خمسة وعشرين فدفعها الوصىّ إِلى مَنْ يَحُجَّ عن الميت فسُرِقَتْ فى الطريق. فعند الإمام يأْخذ ثلث ما بقى من التركة، فإن سُرِقَ ثانياً ثُلث الباقى وهكذا، (وقال) أَبو يوسف: يأْخذ ما بقى من الثلث، فإِن سُرِقَ ثانياً لا يأْخذ شيئاً. وقال محمد: إِنْ سُرِقَ كل ما دفع أَولاً بطلت الوصية، وإن بقى منه شيءٌ يُحَجُّ به لا غير. فالخلاف فى موضعين:

(أ) فيما يدفع ثانياً، وقول الإمام فيه أوجَه.

(ب) وفي المحل الذى يلزم الإحجاج منه ثانياً. وهو مبنى على أَن السفر أَيبطل بالموت؟ قال الإمام نَعَمْ، لحديث أبى هريرة رضى الله عنه: أَن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا ماتَ الإِنسانُ انْقَطَعَ عنه عمله إِلاَّ من ثلاثة: مِنْ صَدَقَةٍ جارِيةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفُع بِه أَوْ وَلَد صَالِح يَدْعُو له. أخرجه مسلم والثلاثة (١) {٥٥}

وقال الصاحبان: لا يبطل السفر بالموت، وهو أَوْجَه، لحديث أَبى هريرة رضى الله عنه: أَن النبى صلى الله عليه وسلم قال: مِنْ خَرَجَ حاجاً فمات كُتب له أَجْرُ الحاجِّ إلى يوم القيامة، ومَنْ خَرَجَ مُعتمراً فمات كُتب له أَجْرُ المعَتمِر إلى يوم القيامة. أخرجه الطبرانى فى الأوسط والبيهقى وأبو يعلى. وفيه جميل بن أبى ميمونة. ذكره ابن حبان فى الثقات (٢) {٥٦}

والحديث الأَول إِنما يَدُلُّ على انقطاع العمل. والكلام فى بطلان القدر الذى وجد من العبادة والثواب. وهو غير العمل. وانقطاع العمل لا يستلزم انقطاع ما وجد منه.


(١) انظر ص ١١٧ ج ٣ سنن أبى داود (الصدقة عن الميت - الوصايا) وباقى المراجع بهامش ٤ ص ٧٤ ج ٨ الدين الخاص (القرب تهدى إلى الميت).
(٢) انظر ص ٢٠٨ ج ٣ مجمع الزوائد (فرض الحج والعمرة).