للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهدِه (١)؛ لوجودِ النقضِ منهُ دونَهم. وأما من حملَتْ بهِ أمُّه وولدَتْه بعدَ النقضِ فإنه يُسترَقُّ ويُسبَى (٢). (فَإِنْ أَسْلَمَ) منتقضُ العهدِ (حَرُمَ قَتْلُهُ) (٣)، (وَلَوْ سَبَّ النَّبِيَّ (٤)؛ لعمومِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ (الأنفال: ٣٨)، وقولِه : "الإسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ" (٥).

تتمة: إنْ أظهرَ الذميُّ منكرًا، أو رفعَ صوتَه بكتابِه، أو ركِبَ الخيلَ، أو فعلَ شيئًا مما تقدمَ من الذي يُمنَعونَ فعلَه، لم ينتقضْ عهدُه بذلكَ (٦)؛ لأنَّ العقدَ لا يقتضِيه، ولا ضررَ على المسلمينَ فيهِ، وإنما يؤدَّبُ لارتكابِه المحرَّمَ (٧). وقالَ الشيخُ تقيُّ الدينِ ابنُ تيميةَ: "إن جهرَ الذميُّ بينَ المسلمينَ بأنْ قالَ: المسيح هو الله تعالى -تعالى اللهُ عما يقولُ الظالمونَ علوًا كبيرًا- عُوقبَ على ذلكَ، إما بقتلٍ، أو بما دونَه،


= لأنه لم يذكر هذه المسألة في باب أحكام الذمة كفعلهما.
والمذهب: ما قدمه المصنف، وأن المال يكون فيئًا. جزم به في التنقيح المشبع ١٢٢، والمنتهى ١/ ٢٤١، والإقناع ٢/ ١٤٩. ويومئ إليه كلام البهوتي في شرح الإقناع فإنه عقبَ كلام العلامة أبي بكر بقوله: "وسبق ما فيه"؛ يعني: ما أورده من كلام صاحب المبدع -وسيأتي-. كشاف القناع ٣/ ١٤٤.
ومبنى الخلاف: هل ينتقض العهد في المال إذا انتقض في صاحبه؟ والذي يراه صاحب المبدع: التفريق في ذلك بين مال الذمي ومال الحربي، فينتقض في الأول بنقضه في صاحبه؛ لأن الأمان ثبت في ماله تبعًا له؛ لأنه مكتسب بعد عقد ذمته، ولا ينتقض في الثاني؛ لأنه ثبت في ماله أصالةً، كما لو بعثه مع مضارِبٍ أو وكيلٍ. اهـ. المبدع ٣/ ٣٩٥. وهذا اما ارتضاه البهوتي في شرح الإقناع -كما سبق-.
(١) انظر: الكافي ٤/ ٣٧٢، الوجيز ١٦٩، الإنصاف ٤/ ٢٥٦.
(٢) انظر: المستوعب ٣/ ٢٢٧، المبدع ٣/ ٤٣٤، كشاف القناع ٣/ ١٤٤.
(٣) انظر: المستوعب ٣/ ٢١٥، الفروع ١٠/ ٣٥٥، غاية المنتهى ١/ ٤٩٢.
(٤) انظر: التنقيح المشبع ١٢٢، الإقناع ٢/ ١٤٩، منتهى الإرادات ٢/ ٢٤١. وهو المذهب، قال في التنقيح: "قطع به في المغني، والشرح، وشرح ابن رزين، وقدمه في الفروع، والرعاية، وهو ظاهر كلام الأكثر". وقيده في غاية المنتهى على من سبَّه بغير قذفٍ، أما مع القذف فيقتل بكل حالٍ. ووافقه البهوتي في شرح المنتهى. انظر: غاية المنتهى ١/ ٤٩٢، شرح منتهى الإردات ١/ ٦٧١.
(٥) تقدم تخريجه في نهاية باب عقد الذمة.
(٦) قدمه في المقنع ١٥٠، والمحرر ٢/ ١٨٨، وفي شرح الزركشي: "ولو شرطه عليهم، وهو اختيار الأكثرين". ٣/ ٢٣١. وصححه في تصحيح الفروع. الفروع (التصحيح) ١٠/ ٣٥٣.
(٧) انظر: المغني ١٣/ ٢٣٩، شرح الزركشي ٣/ ٢٣١، المبدع ٣/ ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>