للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخيارُ (بِجُنُونِه) أي: جنونِ أحدِهما، (وَهُوَ) -أي: المجنونُ- باقٍ (عَلَى خِيَارِهِ إِذَا أَفَاقَ) منْ جنونِه (١). ولا ينتقلُ الخيارُ لوليِّه (٢)؛ لأنَّ الرغبةَ وعدمَها لا تُعلَم إلا منْه. ولو خرِسَ أحدُ المتعاقدَينِ قامتْ إشارتُه المفهومةُ مقامَ نطقِه (٣). قالَ شيخُنا في شرحِه على "الإقناع": "وكَذا كتابتُه" (٤). فإن لم تُفهَم إشارةُ الأخرسِ، أو جُنَّ، أو أغميَ عليهِ، قامَ أبوه أو وصيُّه أو الحاكمُ مقامَه (٥). قاله في "المغني" و"الشرحِ" (٦)، ولم يعلِّلْه بالسفيهِ، وهذا مبنيٌّ على قول (٧)، لأن في الحجر: "أنَّ من جُنَّ بعدَ البلوغِ والرشدِ لا ينظرُ في مالِه إلا الحاكمُ على الصحيح" (٨). ذكرهَا شيخُنا في حاشيتِه على "الإقناع" (٩).

تتمة: إذا قلْنا: يثبتُ الخيارُ إذا أفاقَ فلعلَّهُ إلى أن يتفرقَا إذا اجتمعَا بعدَ الجنون؛ كالإكراهِ ونحوِه، على ما سبقَ. وإن قلنا: يقومُ وليُّه مقامَه فينبغي أن يثبتَ لوليِّه إلى أن يجتمعَ معَ العَاقدِ الآخرِ ثم يفارقُه. (وَتَحْرُمُ التَّفْرِقَةُ) منْ أحدِهما (مِنَ المَجْلِسِ) أي: مجلسِ العقدِ (خَشْيَةَ الاسْتِقَالَةِ) أي: خشيةَ أن


(١) انظر: المستوعب ٢/ ٤٠، المبدع ٤/ ٦٥، التوضيح ٢/ ٦١٠، الإقناع ٢/ ١٩٩.
(٢) انظر: الفروع ٦/ ٢١٥، منتهى الإرادات ١/ ٢٥٦، غاية المنتهى ٢/ ٣٠. قال في الغاية: "ويتجه، إلا في جنون مطبق" أي: فيثبت الخيار لوليه حينئذ؛ لليأس من إفاقته. وسيأتي في كلام المنصف إشارة لهذا في الكلام عن الأخرس.
(٣) انظر: الإنصاف ٤/ ٣٧١، معونة أولي النهى ٤/ ١١٠.
(٤) انظره في: ٣/ ٢٠١.
(٥) انظر: الإقناع ٢/ ١٩٩، غاية المنتهى ٢/ ٣٠.
(٦) انظره في: المغني في ٦/ ١٤، وفي: الشرح في ٤/ ٦٤.
وظاهر السياق أنه في الأخرسِ إذا جُن أو أغمي عليه، كما صرح به في شرح الإقناع ٣/ ٢٠١. وظاهر كلام الموفق والشارح أنه في المجنون مطلقًا أخرسًا كان أو غيره، كما يدل عليه كلامه في الحجر، وسيأتي بعد قليل. ويدل عليه كلامه في الكافي ٢/ ٥٢.
(٧) أي قول مرجوح، وهو: أن من فك حجرُه لتكليفِه ورشدِه، ثم جُنَّ، أو اختلَّ عقلُه. أو سفه، فإنه ينظر في ماله وليُّه الأول كما لو مبلغ سفيهًا أو مجنونًا. وهو قول في المذهب صححه في الإنصاف ٥/ ٣٣٣، وهو ظاهر إطلاق الموفق في المغني ٦/ ٦١٢. والمذهب خلاف ذلك كما سيذكر المصنف.
(٨) انظر في هذه المسألة: الإقناع ٢/ ٤١١، والمنتهى ١/ ٣١٣، الروض المربع ١/ ٢٣١.
(٩) انظره في: حواشي الإقناع ١/ ٥٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>