للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدةٌ: المرادُ بمرافقِ الأملاكِ - كالطرق، والأفنية، ومسيلِ المياه، ونحوهَا -، هل هيَ مملوكةٌ، أو ثبتَ فيهَا حقُّ الاختصاصِ (١)؟ فيه وجهَانِ (٢): أحدهما: ثبوتُ حقِّ الاختصاصِ فيهَا منْ غيرِ ملكٍ. جزمَ بهِ (٣) القاضي، وابن عقيل، في بابِ إحياءِ المواتِ (٤)، ودلَّ عليهِ نصوصُ الإمامِ أحمد (٥). الثاني: الملكُ. صرحَ به الأصحابُ في الطرقِ، وجزمَ به في الكلِّ صاحبُ "المغني" (٦)، وأخذَهُ من نصِّ الإمامِ أحمد (٧)، والفهامةِ الخرقيِّ على ملكِ حريمِ البيرِ (٨).


(١) حق الاختصاص: هو عبارة عما يختص مستحقه بالانتفاع به ولا يملك أحد مزاحمته فيه، وهو غير قابل للشمولِ والمعاوضات. ومن صوره: الكلب المباح اقتناؤه؛ كالمعلَّم، والأدهان المتنجسة المنتفع بها بالإيقاد، وجلد الميتة المدبوغ إذا قيل بجواز الانتفاع به.
وأما ما لا يجوز الانتفاع به من النجاسات بحال فلا يد ثابتة عليه، وآية ذلك: أنه لا يجب ردُّه على من انتزعه ممن هو في يده بخلاف ما فيه نفع مباح فإنه يجب ردُّه. انظر: القواعد في الفقه ٢٠٤.
(٢) انظر في المسألة: المغني ٨/ ١٨٣، ١٤٩، القواعد في الفقه ٢٠٥، الإنصاف ٥/ ٥٤، كشاف القناع ٤/ ١٨٧.
(٣) في الأصل تكررت (به) مرتين.
(٤) قول القاضي أبو يعلى بثبوت حق الاختصاص أشار إليه - بالاحتمال - في الأحكام السلطانية فيما يتعلق بالارتفاق بأفنية الدور والأملاك لغير أربابها حين قال: "وإن كان غير مضر بهم، فهل يعتبر إذنهم؟ يحتمل أن لا يعتبر؛ لأن الحريم مرفق، ولا حاجة بهم إليه، وكانوا وغيرهم سواء". انظر: الأحكام السلطانية ٢٢٥. لكنه قال قبل ذلك في أول الباب: "فأما حريم ما أحياه من الموات لسكنى أو زرع، فهو معتبر بما لا تستغني عنه تلك الأرض، من طريقها وفنائها ومجرى مائها شربًا ومغيضًا". ص ٢١٢. وهو يحتمل القول بثبوت الملك. وقول ابن عقيل نقله عنه: ابن رجب في القواعد ٢٠٥. والمرداوي في الإنصاف ٥/ ٥٤.
(٥) قال الإمام أحمد في رواية الحسن بن ثواب: فيمن حفر بئرًا في فنائه فعطب بها رجل: "لزمه". قال القاضي: "وهذا يدل على أنه ليس له التصرف فيما جاوز فناءه". انظر: الأحكام السلطانية ٢٢٥.
(٦) قال ابن قدامة: "وكل مملوك لا يجوز إحياء ما تعلق بمصالحه. وهو ظاهر قول الخرقي في حريم البئر؛ لأنه مكان استحقه بالإحياء فملكه، كالمحيي، ولأن معنى الملك موجود فيه؛ لأنه يدخل مع الدار في البيع ويختص به صاحبها". انظر: المغني ٨/ ١٤٩.
(٧) قال الإمام أحمد في مسائل ابنه صالح: "والإحياء يكون يحيط عليها حائطًا فيمنع منها أو يحفر فيها بئرًا فتكون له حريمها خمسة وعشرين ذراعًا حولها" ٢/ ٣٤١، وقال أيضًا: "إذا كانت البئر عادية فحريمها خمسون وإذا لم تكن عادية فخمسة وعشرون" ٣/ ١١٥. وقال في هذا: "ليس لأحد أن يدخل فيها" ٣/ ١١٤. وانظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ١/ ٣١٥.
(٨) حريم البئر وغيرها: الموضع المحيط بها من مرافقها وحقوقها، وهو بقدر الموضع الذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>