للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تتمةٌ: إنْ أذنَ مرتهنٌ لراهنٍ في بيعِ الرهن، فلهُ ثلاثةُ أحوالٍ، أحدُها: أن يأذنَ لهُ في البيعِ بشرطِ أن يجعلَ ثمنَه رهنًا مكانَه لصحةِ (١) البيعِ (٢). الثانِي: الإذنُ في البيعِ بعدَ حلولِ الدين، فيصحُّ البيعُ، ويبطلُ الرهنُ في عينِه، ويصيرُ الثمنُ رهنًا (٣)؛ لأنهُ بدلُ الرهنِ لأخذِ الدينِ الحالِّ منهُ. هان كانَ الرهنُ المذكورُ المبتاعُ على دينٍ حلَّ بعضُه وبقيَ أجلُ بعضه، فمَا بقيَ من ثمنِ الرهنِ بعدَ وفاءِ ما حلَّ رهنٌ على الباقِي المؤجلِ (٤). والثالثُ: إذا كانَ الإذنُ في بيعِ الرهنِ مطلقًا، بأنْ لمْ يكنِ الدينُ حلَّ، ولم يَشترِطْ أن يكونَ ثمنُه رهنًا، فيبطلُ الرهنُ بالبيعِ (٥)؛ لخروجِه من ملكِ الراهنِ بإذنِ المرتهن، ولا يكونُ ثمنُه رهنًا مكانَه (٦)؛ لعدمِ اشتراطِه، ولعدم حلولِ الدينِ. قالَ في "الفروع": "وبدُونِهِما - أي: الحُلول، أو شَرطِ جعلِ ثمنِه رهنًا مكانَهُ - يبطلُ الرهنُ" (٧). ومشَى عليه القاضي (٨)، وقالَ في "الكافِي": "الثانِي: أن يبيعَه - يعني: المرتهِن - قبلَ حلولِ الدينِ بإذنٍ مطلقٍ، فيبطلُ الرهنُ، ويسقطُ حقُّ المرتهنِ منَ الوثيقةِ؛ لأنه تصرفَ في عينِ الرهنِ تصرفًا لَا يستحقُّه المرتهنُ، فأبطلَه؛ كالعتقِ" (٩). وكذا في "المغني" (١٠). وعبارةُ "الإقناع" (١١) توهِمُ بطلانَ البيعِ. قالَ


(١) كذا في الأصل، وفيه ركاكة، والأنسب: قوله: (فيصح).
(٢) انظر: الرعاية الصغرى ١/ ٣٤٥، الوجيز ١٩٧، الإنصاف ٥/ ١٥٦.
(٣) ويأخذ منه وفاءَ الدينِ الحالِّ. انظر: المستوعب ٢/ ٢٠٣، الكافي ٢/ ١٤٥، غاية المنتهى ٢/ ٩١.
(٤) انظر: الشرح الكبير ٤/ ٤٠٥، التوضيح ٢/ ٦٦١، كشاف القناع ٣/ ٣٣٨.
(٥) انظر: الكافي ٢/ ١٤٥، الإنصاف ٥/ ١٥٧، معونة أولي النهى ٤/ ٣٣٧.
(٦) انظر: المغني ٦/ ٥٣٠، كشاف القناع ٣/ ٣٣٨.
(٧) انظره في: ٦/ ٣٦٩.
(٨) الصحيح: أن القاضي أبا يعلى خالف في هذه المسألة - كما صرح بذلك البهوتي في كشافه ٣/ ٣٣٨ - وذهب إلى أنه لا يبطل الرهن، بل يكون ثمنه رهنًا. نقله عنه تلميذه أبو الخطاب في الهداية ١٨٧، ونقله عنه في الإنصاف ٥/ ١٥٧. وقدَّمه في الرعاية الصغرى ١/ ٣٤٥.
والمذهب: ما قدمه المصنف، أن الرهن يبطل بالبيع، ولا يكون الثمن رهنا مكانه. جزم به في المنتهى ١/ ٢٢٨، تبعًا للتنقيح ١٤٣، ووافقه في الغاية ٢/ ٩١.
(٩) انظره في: ٢/ ١٤٥.
(١٠) قال في المغني: "وإن أذن له قبل حلوله مطلقًا، فباعه، بطل الرهن، ولم يكن عليه عوضه؛ لأنه أذنه له فيما ينافي حقه، فأشبه ما لو أذن في عتقه". انظره في: ٦/ ٥٣٠.
(١١) قال في الإقناع: "وبدونهما - أي: حلول الدين، أو شرط ثمنه رهنًا - يبطل البيع". انظره في: ٢/ ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>