للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضمونَ لهُ ليسَ لهُ مطالبتُه بالخمر، ولا المضمونُ عنهُ يطالبُ به، ولَا الضامنُ. وإنْ أسلمَ ضامنٌ برئَ وحدَه (١)؛ لأنه تبعٌ، فلا يبرأُ الأصيلُ ببراءتِهِ. ولا يصحُّ أنَّ أحدَ الضامنَينِ يضمنُ الآخرَ (٢)؛ لثبوتِ الحقِّ في ذمتِهِ بضمانِه الأصلَ، فهو أصلٌ، فلا يصحُّ أن يصيرَ فرعًا. بخلافِ الكفالةِ فيصحُّ (٣)؛ لأنها ببدنِه، لا بما في ذمتِه.

(وَلَوْ ضَمِنَ اثْنَانِ وَاحِدًا) عليهِ دينٌ لآخرَ، (وَقَالَ كُلُّ) واحدٍ من الضامنَينِ: (ضَمِنْتُ لَكَ الدَّينَ، كَانَ لِرَبِّهِ) أي: ربِّ الدينِ المضمونِ لهُ (طَلَبُ كُلِّ وَاحِدٍ) منهُما، أو هما معًا، أو هما، والمديونِ معًا (بالدَّينِ كُلِّهِ) (٤)؛ لأنَّ ضمانَ كلِّ واحدٍ منهُما بالدينِ صادقٌ بجميعِه. (وَإِنْ قَالَا) الضامنانِ: (ضَمِنَّا لَكَ الدَّينَ، فَـ) ـيكونُ (بَينَهُمَا بِالْحِصَصِ) (٥) فإنْ أطلقَا كانَ بينهُما نصفين، فيطالبُ كلُّ واحدٍ منهُما بنصفِ الدينِ. وإِن عينَ كلُّ واحدٍ منهُما حصةً طولبَ بها (٦).

تتمةٌ: يصحُّ ضمانُ الجعلِ في الجعالة، والجعلِ في المسابقة، وفي المناضلة، ولو قبلَ العملِ (٧)؛ لأنه يؤولُ إلى اللزومِ. ولا يصحُّ ضمانُ العملِ منهمْ (٨)؛ لأنه لا يؤولُ إلى اللزومِ. ويصحُّ ضمانُ نفقةِ الزوجة، ماضيًا كانَ أو مستقبلًا (٩). ويلزمُ الضامنَ ما يلزمُ الزوجَ منَ النفقة، ولو زادَت على نفقةِ المعسرِ (١٠). وقالَ القاضي: "إذَا ضَمنَ النفَقةَ المسْتَقبَلةَ لزِمَه نفقةُ المعسِرِ؛ لأنَّ الزيادةَ تسقطُ بالإعسَارِ" (١١).


(١) انظر: الإنصاف ٥/ ١٩٢، المبدع ٤/ ٢٥٠، منتهى الإرادات ١/ ٢٩٣.
(٢) انظر: المغني ٧/ ٨٨، غاية المنتهى ٢/ ١٠٤، شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٢٨.
(٣) انظر: المغني ٧/ ٨٨، المبدع ٤/ ٢٥٠، معونة أولي النهى ٤/ ٣٨٨، كشاف القناع ٣/ ٣٦٥.
(٤) ويكون ضمان اشتراك في انفراد، وإن قضاه أحدهما، لم يرجع إلا على المضمون عنه. انظر: الشرح الكبير ٥/ ٩٧، الفروع ٦/ ٣٩٦، الإقناع ٢/ ٣٤٤.
(٥) انظر: المغني ٧/ ٩٦، التنقيح المشبع ١٤٦، منتهى الإرادات ١/ ٢٩٦.
(٦) انظر: معونة أولي النهى ٤/ ٤/ ٤٢٠، كشاف القناع ٣/ ٣٦٥.
(٧) انظر: الكافي ٢/ ٢٢٩، الشرح الكبير ٥/ ٨٧، المبدع ٤/ ٢٥٦، غاية المنتهى ٢/ ١٠٦.
(٨) انظر: المغني ٧/ ٧٥، الإقناع ٢/ ٣٤٩، مطالب أولي النهى ٣/ ٣٠٢.
(٩) انظر: المستوعب ٢/ ٢٢٣، المغني ٧/ ٧٥، غاية المنتهى ٢/ ١٠٧.
(١٠) انظر: الشرح الكبير ٥/ ٨٧، المبدع ٤/ ٢٥٦، كشاف القناع ٣/ ٣٧١.
(١١) نقله عنه في المغني ٧/ ٧٥، والمبدع ٤/ ٢٥٦.
والمذهب: الأول، كما جزم به في الإقناع ٢/ ٣٤٩، وقرره في الغاية ٢/ ١٠٧، وشرح الإقناع.

<<  <  ج: ص:  >  >>