للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنعقدُ بألفاظِ الضمانِ كلِّها، كأنَا ضمينٌ ببدنِه، أو زعيمٌ به (١). وإِن ضمنَ معرفةَ إنسانٍ أُخذَ بهِ (٢)، فكأنهُ قالَ: ضمنتُ لكَ حضورَهُ متى أردتَ، فصارَ كقولِه: تكفَّلْتُ ببدنِه. فإنْ لمْ يعرِفْه ضامنُ المعرفةِ ضمنَ ما عليهِ. ولا تصحُّ كفالةُ الوالدِ لولدِه إذا كفلَ له أحدٌ (٣)؛ لأنَّ الولدَ لا تُسمعُ له دعوى على والدِه بغيرِ النفقةِ الواجبةِ. (وَيُعْتَبَرُ) في الكفالةِ (رِضَا الْكَفِيلِ) (٤)؛ لأنه لا يلزمُه الحقُّ ابتداءً إلا برضَاه. (لَا) أي: لا يعتبرُ رضَا (المَكْفُولِ) بهِ؛ كالضمانِ (٥). (وَلَا) رضَا (المَكْفُولِ لَهُ) (٦)؛ لأنهُ وثيقةٌ [بهِ؛ كالضمانِ. وتصحُّ الكفالةُ بالأعيانِ؛ كالغُصوبِ]، والعواريِّ (٧). ولا يصحُّ بالأماناتِ - كالوديعة، والشركة، والمضاربةِ -، إلا إن كفلَه بشرطِ التعدّي فيها، فيصحُّ؛ كالضمانِ (٨).

تتمةٌ: لو قالَ إنسانٌ لآخرَ: اضمَنْ فلانًا، أو اكفَلهُ، ففعلَ، ألزمَ المباشرُ للضمانِ أو الكفالة، دونَ الآمرِ (٩)؛ لأنَّ الأمرَ للإرشاد، والفاعلُ فعلَ باختيارِ نفسِه.


(١) انظر: الرعاية الصغرى ١/ ٣٥٧، الإنصاف ٥/ ٢١٠، منتهى الإرادات ١/ ٢٩٥.
(٢) أي: إذا ضمن عند دائن أنه يعرف فلانًا - الذي يريد الدَّين - لأجل أن يطمئن إلى مداينته، فلم يحضر بعد ذلك المدين، أُخذ ضامن المعرفة بالمدين، وطولب بإحضاره، فإن عجز لزمه ما عليه. انظر: الفروع ٦/ ٤١٠، المبدع ٤/ ٢٦٥، التنقيح المشبع ١٤٥، معونة أولي النهى ٤/ ٤٠٨.
(٣) ذكرها البهوتي في شرح الإقناع ٣٧٦/ ٣، أخذًا من قوله في الإقناع: "كل من يلزمه الحضور إلى مجلس الحكم"، والولد لا يلزمه الحضور إلى مجلس الحكم من جهة أبيه؛ لأنه لا تُسمع له دعوى بغير النفقة الواجبة. وأشار إليها أيضًا: ابن قاسم في حاشيته على الروض ٥/ ١٠٩.
تتمة: في الاختيارات: "وإذا لم يكن الوالد ضامنًا لولده، ولا له عنده مالٌ، لم يجز لمن لهُ على الولد حقٌّ أن يطالبَ والدَه بما عليه. لكن إن أمكنَ الوالدَ معاونةُ صاحب الحق على إحضار ولده بالتعريف بمكان ونحوه لزمه ذلك". انظر: الأخبار العلمية منَ الاختيارات الفقهية ١٩٦.
(٤) انظر: المغني ٧/ ١٠٤، الفروع ٦/ ٤٠٢، التوضيح ٢/ ٦٦٩.
(٥) انظر: المبدع ٤/ ٢٦٤، التنقيح المشبع ١٤٦، غاية المنتهى ٢/ ١١٠.
(٦) انظر: الشرح الكبير ٥/ ١٠٢، الإنصاف ٥/ ٢١٤، الإقناع ٢/ ٣٥٣.
(٧) أي: الأعيان المضمونة. انظر: المقنع ١٨١، الرعاية الصغرى ١/ ٣٥٧، الوجيز ٢٠١.
(٨) انظر: الكافي ٢/ ٢٣٥، المبدع ٤/ ٢٦٢، غاية المنتهى ٢/ ١١٠.
(٩) انظر: المغني ٧/ ١٠٥، المبدع ٤/ ٢٦٨، كشاف القناع ٣/ ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>