كتاب مسلك الراغب لشرح دليل الطالب

(كتاب البيع) - (باب الصلح) وحكم الجوار - ج: 2 - ص: 536

بأن أقرَّ لهُ بدينارٍ، فصالحهُ عنهُ عوضًا عن ذلكَ بعشرةِ دراهمَ مثلًا، أو عكسِه، فهوَ صرفٌ، صحَّ (١)، لكنِ (اشْتُرِطَ) فيهِ (قَبْضُ الْعِوَضِ في المَجْلِسِ) قبلَ التفرقِ منهُ (٢). ويحرمُ الصلحُ عنِ الدينِ بجنسِه - إذا كانَ مثليًّا، كمكيلٍ بمكيلٍ، أو موزونٍ بموزونٍ -، بأكثرَ أو أقلَّ منهُ، على سبيلِ المعاوضةِ (٣)؛ لأنه ربًا، لا على سبيلِ الإبراءِ والهبةِ (٤).

(وَ) لو صالحَهُ عنْ دينٍ (بِشَيءٍ في الذِّمَّةِ)، بأن صالحَه عن دينارٍ في ذمتِه بإردَبِّ (٥) قمحٍ، أو نحوِه في الذمة، (يَبْطُلُ) ذلكَ (بالتَّفَرُّقِ) منَ المجلسِ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لذلكَ الشيءِ (٦)؛ لأنهُ يصيرُ بيعَ دينٍ بدينٍ. (وَإِنْ صَالَحَ عَنْ عَيبِ في المَبِيع) بشيءٍ مِن عينٍ - كدينارٍ -، أو منفعةٍ - كسكنَى دارٍ شهرًا، ونحوَه -، (صَحَّ) (٧). (فَلَوْ) حصلَ الصلحُ على عيبٍ في المبيع، فَـ (ـزالَ العَيبُ سَرِيعًا) بلا كلفةٍ، ولا تعطيلِ نفعٍ على مشترٍ - كمريضٍ عُوفيَ ونحوِه -، رجعَ بما دفعَه (٨). وكذَ (ا) لـ (ـو) صالحَ على عيبٍ، فظهرَ أنهُ (لَمْ يَكُنْ) معيبًا (رَجَعَ بِمَا دَفَعَهُ)

---

(١) انظر: المقنع ١٨٣، التنقيح المشبع ١٤٧، الإقناع ٢/ ٣٦٨.
(٢) انظر: المستوعب ٢/ ٢٣٧، الشرح الكبير ٥/ ٦، المبدع ٤/ ٢٨٢.
(٣) وكذا الصلح عن عين بأكثر منها من جنسها. انظر: الكافي ٢/ ٢٠٦، الوجيز ٢٠٣، الفروع ٦/ ٤٢٦.
ويصح بغير الجنس مطلقًا. انظر: المستوعب ٢/ ٢٣٨، المقنع ١٨٣، الرعاية الصغرى ١/ ٣٥٩، التنقيح المشبع ١٤٧.
(٤) لا بلفظ الصلح، كما تقدم. انظر: الإقناع ٢/ ٣٦٨، شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٤٢، غاية المنتهى ٢/ ١١٩.
(٥) الإرْدَبُّ: مكيال ضخم معروف بمصر، وهو من أقدم المكاييل، يساوي أربعةً وعشرين صاعًا. وقد استحدث بعده عدة أرادب مختلفة المعايير. والإردب القديم يساوي في العصر الحديث: ٤٨.٨٧٧ كغ، انظر مادة: (ردب)، تاج العروس ٢/ ٤٩٣، المعجم الوسيط ١/ ١٣، المقادير الشرعية ١٧٦، ١٨٤.
(٦) انظر: المقنع ١٨٤، الرعاية الصغرى ١/ ٣٥٩، الفروع ٦/ ٤٣٦، الإنصاف ٥/ ٢٤٠.
(٧) انظر: المستوعب ٢/ ٢٤٥، الوجيز ٢٠٤، الإقناع ٢/ ٣٦٩.
والمصالحة على منفعة حكمُها حكم الإجارة، تبطل بتلف العين كسائر الإجارات. انظر: المقنع ١٨٤، الرعاية الصغرى ١/ ٣٦١، معونة أولي النهي ٤/ ٤٤٣.
(٨) انظر: الوجيز ٢٠٤، الفروع (الحاشية) ٦/ ٤٢٦، الإنصاف ٥/ ٢٤٢.