للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنِ العيبِ (١)؛ لعدمِ استحقاقِه ذلكَ. وإذا صالحَ مكلفًا ليقرَّ لهُ بالعبودية، أو امرأةً لتقر لهُ بالزوجيةِ بعوضٍ، لم يصحَّ الصلحُ (٢)؛ لعدمِ جوازِه؛ لأنهُ صلحٌ يحل حرامًا؛ لما وردَ لما في الحديثِ من قولِه : "الصُّلْحُ جَائِزٌ بَينَ المُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا". رواهُ الترمذيُّ (٣).

(وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَمَّا) كانَ مجهولًا (تَعَذَّرَ عِلْمُهُ، مِنْ دَينٍ)، كمَن بينهُما معاملةٌ وحسابٌ مضى عليهِ زمنٌ، (أَوْ) عما تعذرَ علمُه من (عَينٍ) (٤)، كقفيزِ حنطةٍ، وقفيزِ شعيرٍ اختلطَا وطحنَا، بمالٍ معلومٍ، حالٍّ أو نسيئةٍ (٥)؛ لقولِه لرجلَينِ اختصَما في مَوارِيثَ دُرسَتْ: "اِسْتَهِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، وَلْيُحَلِّلْ أَحَدُكمَا صَاحِبَهُ". رواهُ أحمد (٦). ولا يصحُّ الصلحُ بشيءٍ مجهولٍ (٧)؛ لأنَّ الجهلَ بهِ يمنعُه، فلا بدَّ أن يكونَ معلومًا؛ لوجوبِ تسليمِه. فإن لم يتعذرْ علمُ المجهولِ - كتركةٍ باقيةٍ، صالحَ الورثةُ


(١) انظر: المقنع ١٨٤، التنقيح المشبع ١٤٨، معونة أولي النهي ٤/ ٤٤٥.
(٢) انظر: المستوعب ٢/ ٢٤٤، الكافي ٢/ ٢٠٤، الوجيز ٢٠٣، التوضيح ٢/ ٦٧٦.
(٣) أخرجه من حديث عمرو بن عوف المزني في كتاب الأحكام، باب ما ذكر في الصلح بين الناس (١٣٥٢) ٣/ ٦٣٤.
وأخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام، باب الصلح (٢٣٥٣) ٢/ ٧٨٨، والبيهقي (١١٦٨٦) ٦/ ٦٥، والحاكم (٧٠٥٩)، وسكت عنه ٤/ ١١٣؛ وصححه الترمذي بهذا اللفظ من حديث عمرو بن عوف، وأنكروا عليه لأن فيه "كثير بن عبد الله" ضعيف بمرَّة، عند أئمة أهل الحديث كأحمد، وابن عدي، وابن معين، والنسائي والدارقطني، البدر المنير ٥/ ٧٨، ولذا فالحديث من هذا الطريق ضعيف عند الذهبي في عمله على المستدرك ٤/ ١١٣، وابن الملقن في البدر ٦/ ٦٨٨، وابن حجر في التلخيص ٣/ ٥٦ من أجل كثير هذا. وقد سبق تخريج الحديث من رواية أبي هريرة بإسناد حسن. عند حديث: المسلمون على شروطهم.
(٤) ويحلِّلُ كلٌّ منهما صاحبه. انظر: المقنع ١٨٤، المحرر ١/ ٣٤٢، الرعاية الصغرى ١/ ٣٥٩، غاية المنتهى ٢/ ١٢٠.
(٥) انظر: الوجيز ٢٠٤، الإنصاف ٥/ ٢٤٣، شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٤٢.
(٦) في المسند من حديث أم سلمة (٢٦٧١٧) ٤٤/ ٣٠٧، وأخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في قضاء القاضي إذا أخطأ (٣٥٨٤) ٢/ ٣٢٥، والبيهقي (٢١٧٧٩) ١٠/ ٢٦٠، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي ٤/ ١٠٧، وحسنه ابن عبد الهادي في تنقيحه ٣/ ٥٤٠ لأجل أسامة بن زيد. قال الألباني: "في حفظه ضعف يسير، فحديثه حسن". الإرواء ٥/ ٢٥٣.
(٧) انظر: المستوعب ٢/ ٢٣٩، المبدع ٤/ ٢٨٥، معونة أولي النهى ٤/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>