للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- الغرماءُ - عقبَ ذلكَ بأنَّ له مالًا، لم يقبلْ إلا ببينةٍ (١). فإن ادعَوا بعدَ مدةٍ، وبيَّنوا سببَه، سألَه الحاكمُ، فإن أنكرَ، فقولُه مع يمينِه (٢). وإن أقرَّ وقالَ: هو لفلانٍ، وصدقَه المقَرُّ لهُ، حلفَ المقَرُّ لهُ (٣)، وإلا أعيدَ عليهِ الحجرُ إن طلبَ الغرماءُ (٤). فإن انفكَّ عنهُ، فلزمَتْهُ ديونٌ أخرَى، وحُجِرَ عليه، شاركُوا - غرماءُ الحجرِ الأولَ - غرماءَ الحجرِ الثانِي في مالِه الموجودِ (٥).

(الرَّابع) منَ الأحكامِ المتعلقةِ بالحَجرِ: (انْقِطَاعُ الطَّلَبِ عَنْهُ) أي: عنِ المفلس (٦)؛ لما تقدمَ من قولِه تعالَى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٠] ولقولِه لغرماءِ معاذٍ: "خُذُوا مَما وَجَدْتم ثم لَيسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ" (٧). (فَمَنْ بَاعَهُ) أي: باعَ المفلسَ شيئًا، (أَوْ أَقْرَضَهُ شَيئًا، عَالِمًا بِحَجْرِه، لَمْ يَمْلِكْ طَلَبَهُ) أي: مطالبتَه ببدلِه (٨) (حَتَّى يَنْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ) (٩)؛


(١) انظر: الشرح الكبير ٤/ ٥٠٨، كشاف القناع ٣/ ٤٤١.
(٢) انظر: المغني ٦/ ٥٨٤، معونة أولي النهى ٤/ ٥٥٤، مطالب أولي النهى ٣/ ٣٩٩.
(٣) انظر: الشرح الكبير ٤/ ٥٠٨، الإقناع ٢/ ٤٠٤، شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٧١.
(٤) أي: إن لم يحلف المقَرُّ له تبين كذبه، فصار كأنه قال: المال لي. فيعاد الحجر عليه. انظر: المغني ٦/ ٥٨٤، معونة أولي النهى ٤/ ٥٥٤، كشاف القناع ٣/ ٤٤١.
(٥) إلا أن الأولين يضربون ببقية ديونهم، والآخرين يضربون بجميع ديونهم. انظر: الشرح الكبير ٨/ ٥٠٤، الرعاية الصغرى ١/ ٣٦٧، الوجيز ٢٠٩، غاية المنتهى ٢/ ١٣٧.
(٦) انظر: المقنع ١٨٨، التوضيح ٢/ ٦٩٣، منتهى الإرادات ١/ ٣١١.
(٧) تقدم تخريجه في أوائل كتاب الحجر.
(٨) هذا محله: في البيع في الذمةِ؛ لأنه لا يصح منه أي تصرف في عين ماله الموجودة، كما تقدم أول هذا الفصل. ومفهوم كلام الدليل: أن من باعه أو أقرضه غير عالم بحجره فإنه يستحق مطالبته مع الغرماء. وهو وجه حكاه في المبهج. - كما في الإنصاف ٥/ ٢٨٥. وهو خلاف المذهب، مع أنه تقدم قوله: "وَإِنْ تَصَرَّفَ في ذِمَّتِهِ بِشِرَاء، أَوْ إِقْرَارٍ، صحَّ، وَطُولِبَ بهِ بَعْدَ فَكِّ الحَجْرِ عَنْهُ"، ولم يقيِّدْه بشرط العلم. بل نص في الغاية على عدم الاشتراطَ فقال: "فمَن أقرضَه أو باعَه شيئًا، ولو غيرَ عالمٍ بحجرٍ، لم يشاركِ الغرماءَ" ٢/ ١٣٧. والمصنف لم ينبه على هذه المخالفة هنا، وقد سبق تنبيهه على عدم اشتراط العلم فيما سبق.
وعلى كل فالمذهب: عدم اشتراط العلم بالحجر، بل من علم بحجره ومن لم يعلم لا يشاركون الغرماء في المطالبة، إلا بعد فكاك الحجر عنه. وقد تقدمت هذه المسألة في أول الفصل.
(٩) انظر: المستوعب ٢/ ٢٦٨، المبدع ٤/ ٣٢٩، منتهى الإرادات ١/ ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>