للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَمْ يُفَرِّطْ) فيه، فلا ضمانَ عليهِ (١)، (كَمَنْ أَخَذَ مَغْصُوبًا) مِن غاصب (لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ)، فلا يضمنُه. ولا تصحُّ شركةُ السفيه، ولا حوالتُه، ولا الحوالةُ عليه، ولا ضمانُه، ولا كفالتُه (٢).

(وَمـ) ـتى إِ (نْ بَلَغَ) الصغيرُ - ذكرًا كانَ، أو أنثَى، أو خنثى -، وكانَ (رَشِيدًا، أَوْ بَلَغَ) مَن كانَ (مَجْنُونًا، ثُمَّ عَقَلَ وَرَشَدَ، انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ) (٣)، ولو بلا حُكم حاكمٍ (٤). نجلافِ السفيهِ المحجورِ عليهِ لسفهِه، فإنهُ لا ينفكُّ عنهُ إلا بحكمِ حاكمٍ (٥)؛ لأنه ثبتَ بحكمِه، فلا ينفكُّ إلا به، كحجرِ الفَلسِ. وقد يفرقُ بينَه وبينَ الحجرِ لفلسٍ - حيثُ قالُوا: ينفكُّ عنهُ الحجرُ بوفاءِ الدينِ بلا حاكمِ -: بأنَّ زوالَ السفهِ ونحوِه يحتاجُ إلى نظرٍ واجتهادٍ، فافتقرَ إلى الحاكم، بخلافِ أداءَ الدينِ. على أنَّ الدينَ - مستَحَقًّا - يبرهَنُ عليه، بخلافِ حجرِ السفيه، فإنه لحظِّ المحجورِ عليه، فتوقفَ على نظرِ الحاكمِ. (وَدُفِعَ إِلَيهِ مَالُهُ) (٦)، لقولِه تعالَى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ (النساء: ٦). ويستحبُّ أن يكونَ الدفعُ بإذنِ حاكمٍ، وببينةٍ بالرُّشدِ وبالدفع (٧)؛ ليأمنَ تبعةَ ذلكَ. (لَا) أي: لا ينفكُّ الحجرُ عنهُ (قَبْلَ ذَلِكَ) أَي: قبلَ البلوغِ أو العقل، معَ الرشدِ (بِحَالٍ)، ولو صارَ شيخًا (٨).

(وَ) في حصلُ (بُلُوغُ الذَّكَرِ) والأنثَى (بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءٍ). أحدُها: ما ذكرَه بقولِه: (إِمَّا بِالامْنَاءِ) يقظةً بجماعٍ، أو منامًا باحتلامٍ، أو غيرِ ذلكَ (٩)؛ لقولِه تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾ [النور: ٥٩]. قالَ ابنُ المنذرِ: "أجمعُوا علَى أنَّ الفرائضَ والأحكامَ تجبُ علَى المحتَلمِ العَاقلِ" (١٠). الثانِي: ما


(١) انظر: المبدع ٤/ ٣٣٠، منتهى الإرادات ١/ ٣١١، كشاف القناع ٣/ ٤٤٣.
(٢) انظر: الإنصاف ٥/ ٣٣٧، الإقناع ٢/ ٤١٢، شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٧٩.
(٣) انظر: المقنع ١٨٨، الوجيز ٢٠٩، التوضيح ٢/ ٦٩٣.
(٤) انظر: المستوعب ٢/ ٢٧٠، المغني ٦/ ٥٩٤، الفروع ٧/ ٧.
(٥) انظر: الشرح الكبير ٤/ ٥٢٧، المبدع ٤/ ٣٤٢، معونة أولي النهى ٤/ ٥٧٨.
(٦) انظر المقنع ١٨٩، منتهى الإرادات ١/ ٣١١، غاية المنتهى ٢/ ١٣٨.
(٧) انظر: الإقناع ٢/ ٤٠٥، شرح منتهى الإرادت ٢/ ١٧٣، غاية المنتهى ٢/ ١٣٨.
(٨) انظر: المغني ٦/ ٥٩٥، المبدع ٤/ ٣٣١، معونة أولي النهى ٤/ ٥٥٩.
(٩) انظر: الشرح الكبير ٤/ ٥١٢، التوضيح ٢/ ٦٩٣، الإقناع ٢/ ٤٠٥.
(١٠) نقله عنه الموفق في المغني ٦/ ٥٩٧. وحكى مثله ابن حزم في مراتبه ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>