للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي عياض: "الجمهور أن المراد بالحق الراتب في الآية (١): الزكاة، وأنه ليس في المال حق سوى الزكاة، وما جاء غير ذلك حمل على الندب، ومكارم الأخلاق". انتهى (٢). قال شيخنا: "والمراد الراتب - يعني: المراد من قول القاضي عياض: الحق الراتب في الآية: الزكاة، وأما ما عدا ذلك فليس في المال حق واجب، إلا إذا كان عارضًا بوجود سبب، كما أشار إليه شيخنا بقوله - وأما ما يعرض لجائع، وعار، وأسير، فيجب عند وجود سببه، فلا تعارض" (٣)؛ يعني: في كلام القاضي: وما جاء غير ذلك حمل على الندب … إلى آخره؛ لأنه يندب مطلقًا، ما لم يعرض له سبب يؤدي إلى الوجوب.

واختار الآجري: أن في المال حقًّا سوى الزكاة؛ من مواساة قرابة، وصلة إخوان، وإعطاء سائل، وإعارة محتاج، وركوب دابة، ونحو ذلك (٤).

(الأول: الفقير؛ وهو من لم يجد) شيئًا البتة، أو لم يجد (نصف كفايته) فهو أشد حاجة من المسكين (٥)؛ لأن الله بدأ به، وإنما يُبدأ بالأهم. وقال تعالى في حق المسكين: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ [الكهف: ٧٩] فأخبر تعالى أن لهم سفينة، وقد سأل النبي المسكنة (٦)، واستعاذ من الفقر (٧). وأما قوله تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)[البلد] وهو المطروح على التراب؛ لشدة


= الزكاة، باب ما أدي زكاته ليس بكنز، رقم (١٧٨٨)، ١/ ٥٧٠.
ورواه الترمذي، في كتاب الزكاة، باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك، رقم (٦١٨)، ٣/ ١٣، وقال: "هذا حديث حسن غريب"، وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه رقم (٣٩٦).
(١) قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥)﴾ [المعارج].
(٢) إكمال المعلم ٣/ ٤٩٧.
(٣) كشاف القناع ٥/ ١٢١.
(٤) نقله عنه في الفروع ٤/ ٣٠٨. والمذهب أنه ليس في المال حق سوى الزكاة. ينظر: الإقناع ١/ ٤٦٨، غاية المنتهى ١/ ٣٤١.
(٥) ينظر: المبدع ٢/ ٤١٦، التنقيح ص ١٥٨، معونة أولي النهى ٣/ ٣١٣.
(٦) عن أنس أن رسول الله قال: "اللَّهُمَّ أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة" رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم، رقم (٢٣٥٢)، ٤/ ٥٧٧، وقال: "هذا حديث غريب"، وصححه الألباني في الإرواء رقم (٨٦١).
(٧) عن أبي بكرة قال: سمعت رسول الله يقول: "اللَّهُمَّ أعوذ بك من الكفر، والفقر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>