للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومَ فتحِ مكة: "إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا (١)، وَلَا يُعْضَدُ (٢) شَوْكُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا". فقالَ العباسُ (٣): إِلا الإِذخِر (٤)؛ فإنَّهُ لِقَيْنهِم (٥) وبُيُوتِهم؟! فقال: "إِلَّا الإِذْخِر". متفقٌ عليه (٦).

فائدةٌ: عُلِمَ من هذَا: أن مكة كانت حرامًا قبلَ خليلِ الله إبراهيمَ ، وعليهِ أكثرُ العلماءِ، وقيلَ: إنما حرِّمَت بسؤالِ إبراهيمَ. وفي الصحيحينِ من غيرِ وجهٍ: "أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ حَرَّمَهَا" (٧) أي: أظهرَ تحريمَها. (وَحُكْمُهُ) أي: حكمُ


(١) الخلا: النبات الرطب الرقيق مادام رطبًا، فإذا يبس فهو حشيش، وإخلاؤه: قطعه، ومنه حديث ابن عمر: "كان يختلي لفرسه"، أي: يقطع له الخلا. انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٥٢٩ المصباح المنير ١٥٣.
(٢) أي: لا يقطع بالمعضد، وهو الممتهن من السيوف يستعمل في قطع الشجر كالفأس، وأصله من قطع العضد إذا أصيب بسوء، والمعنى: لا تقطع أغصانها. فتح الباري ٤/ ٤٣ عمدة القاري ٣/ ٢٤٠.
(٣) هو: أبو الفضل، العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. تقدمت ترجمته في الجزء الأول.
(٤) الإذحْرُ: حشيش طيب الرائحة، يكون أخضر اللون ثم ييبس ويبيض، له أصل مندفن في الأرض وقضبان دقاق دفِر الرِّيح، وله ثمرة كأنها مكاسح القصب، إلا أنها أرق وأصغر، وهو يشبه في نباته الغرز، يُطحن فيدخل في الطيب، وهو معروف عند أهل مكة، تسقَّف بها البيوت فوق الخشب، واحدته إذخرة. انظر: القاموس الفقهي ١٣٥، النهاية في غريب الحديث ١/ ٤٦، لسان العرب، مادة: (ذخر)، ٤/ ٣٠٢، الشامل في الصناعة الطبية ١/ ٢٠٨.
(٥) القَين: -بفتح المعجمة- الحداد، وقيل: كل صانع قَين، والجمع: أقيان وقيون، وأصله على العبد، وأطلق على الحداد لأنه في العمل والصنعة بمعنى العبد. والتقين: التزين بألوان الزينة، ومنه: القينة؛ الأمة المغنية؛ لأنها كانت تتزين. انظر مادة: (قين)، المحكم ٦/ ٣١٤، المحيط ٦/ ٣٥، تاج العروس ٣٦/ ٣٠.
(٦) أخرجه البخاري في كتاب الجزية والموادعة، باب إثم الغادر للبر والفاجر (٣١٨٩) ٣/ ١١٦٤، ومسلم في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها (١٣٥٣) ٢/ ٩٨٦، لكن فيه بعد قوله: "فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" قوله: "وَإنَّهُ لَمْ يَحِل القِتَالَ فِيْهِ لِأَحَدٍ قَبْلي وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِن نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ الله إِلَى يَوِمِ القِيَامَةِ". ولفظ المصنف هو عند البيهقي في السنن (١٠٢٣٣) ٥/ ١٩٥.
(٧) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب بركة صاع النبي ومدُّه، من حديث عائشة (٢١٢٩) ٢/ ٧٤٩، وفي كتاب أحاديث الأنبياء، بابٌ .. بعد باب يزفون: النسلان في المشي من حديث أنس بن مالك (٣٣٦٧) ٣/ ١٢٣٢، وعنه أيضًا في كتاب المغازي، باب قول=

<<  <  ج: ص:  >  >>