للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكعبةُ أفضلُ منهُ. قالَ في الفنون (١): "الكعبةُ أفضلُ من مجردِ الحجرةِ (٢)، فأمَّا والنبيُّ فيهَا، فلا والله، ولا العرشُ، وحملتُه، والجنةُ، لأنَّ بالحجرةِ جسدًا لو وُزِنَ بهِ لرَجَحَ" (٣). قالَ في "الفروعِ": "قدْ دلَّ كلامُ الإمامِ أحمد، والأصحابِ، على أنَّ التربةَ على الخلافِ" (٤). قالَ في "الإقناع": "ولا يُعرَفُ أحدٌ من العلماءِ فضَّلَ ترابَ القبرِ الشريفِ على الكعبةِ، إلا القاضي عياضَ (٥)، ولم يسبقْهُ أحدٌ إليهِ، ولا وافقهُ أحدٌ قظُ عليهِ" (٦). هذَا معنَى كلامِ الشيخِ تقيِّ الدينِ (٧)، وقالَ: "المجاورةُ بمكانٍ يكثرُ فيه إيمانُه وتقواهُ أفضلُ حيثُ كانَ" (٨).


(١) هو كتاب أبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي (ت ٥١٣ هـ)، وهو أعظم كتبه. قيل: في مائتي مجلد، وقيل: أربعمائة، وقيل: ثمانمائة. وأكثره مفقود، وطبع منه مجلَّدان من نسخة فريدة. انظر: المدخل المفصل ٢/ ١٠٣١.
(٢) الحجرة الشريفة: هي حجرة عائشة ، وفيها قُبض النبي ، وتقع شرقي المسجد
النبوي، ويفتح بابها على الروضة، وقد صارت على خمسة أضلاع تمثل الشماليتان منه ساقي مثلث، والثلاث الباقية أضلاع في مربع، وارتفاعها نحو ٦ أمتار، وقد أقيم حولها سور من النحاس طوله ١٥ م، وعرضه ١٦ م. ويقع قبره في جنوبي الحجرة الشريفة، وسكنت عائشة شماليها. انظر: الدر الثمين ٦٨، مرآة الحرمين ٤٧٢، عمارة المسجد الحرام والمسجد النبوي ٤٠٣.
(٣) لم أعثر عليه في المطبوع منه. وقد نقله عنه ابن مفلح الشمس في الفروع ٢٨/ ٦، وابن مفلح البرهان في المبدع ٣/ ٢١٠.
(٤) انظره في: ٦/ ٢٨.
(٥) هو أبو الفضل، عياض بن موسى بن عياض اليحصبي، تقدمت ترجمته في الجزء الأول.
(٦) انطره في: ١/ ٦٠٨. وانظر كلام القاضي عياض في المسألة في الشفا بحقوق المصطفى ٢/ ٩١.
(٧) انظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا: مجموع الفتاوى ٢٧/ ٣٨. وقد قال في الرد على هذا: "ولو كان ما ذكره حقًّا لكان مدفن كل نبي بل وكل صالح أفضلَ من المساجد التي هي بيوت الله، فتكون بيوت المخلوقين أفضل من بيوت الخالق التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وهذا قول مبتدع في الدين، مخالف لأصولِ الإسلامِ". المصدر السابق.
(٨) انظر: مجموع الفتاوى ١٨/ ٢٨٣. وقال: "ولهذا كان أفضل الأرض في حق كل إنسان أرض يكون فيها أَطْوَع لله ورسوله، وهذا يختلف باختلاف الأحوال، ولا تتعين أرض يكون مقام الإنسان فيها أفضل، وإنما يكون الأفضل في حق كل إنسان بحسب التقوى والطاعة والخشوع والخضوع والحضور، وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان : "هلمَّ إِلَى الأَرضِ المقدَّسة"، فكتب إليه سلمان: "إن الأرض لا تقدس أحدًا، وإنما يقدس العبدَ عملُه".

<<  <  ج: ص:  >  >>