للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-الدين ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "وهل هو يوم عرفة باطنًا؛ فيه خلافٌ في مذهب الإمام أحمد بناءً على أن الهلالَ اسمٌ لما يطلُعُ في السماءِ أو لما يراه الناس ويعلمونه؟ وفيه خلاف مشهورٌ في مذهب الإمام أحمد وغيره"، قال: "والثاني هو الصواب" (١).

تنبيه: قال الشيخ تقي الدين: "لا يستحبُّ الوقوف مرتين، وهو بدعة (٢) لم يفعله السلف، فعُلم أنه لا خطأ". وقال: "فلو رآهُ طائفة قليلةٌ لم ينفردُوا بالوقوفِ، بل الوقوف مع الجمهور" (٣). قال في "الفروع": "ويتوجهُ وقوفٌ مرتين إن وقف بعضهم، لا سيما مَن رآه. وصرَّحَ جماعة: إن أخطؤوا لغَلَطٍ في العدد، أو في الرؤية، أو في الاجتهاد في الإغمام - أي: الغيم (٤) - أجزأه، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وغيره" (٥).

(الثَّالِثُ: طَوَافُ الإِفَاضَةِ) (٦) سمي بالإفاضة، لأنه يُفعَلُ بعد الإفاضة من منى، ويسمَّى: "طوافُ الزيارة" أيضًا، وسمي بالزيارةِ؛ لأنه يأتي [مِن] منى فيزورُ


(١) أي: أن الهلال إنما يكون هلالًا إذا استهله الناس ورأَوه، وإذا طلع ولم يستهلُّوه فليس بهلال. انظر كلامه في: مجموع الفتاوى ٢٢/ ٢١١. وقال الشيخ أيضًا: "الهلال اسم لما يُستَهلُّ به، أي: يعلن به، ويجهر به، فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ويستهلوا لم يكن هلالًا. وإنما يغلط كثير من الناس في مثل هذه المسألة؛ لظنهم أنه إذا طلع في السماء كان تلك الليلة أول الشهر، سواء ظهر ذلك للناس واستهلوا به أو لا، وليس كذلك، بل ظهوره للناس واستهلالهم به لا بد منه". انظر: مجموع الفتاوى ٢٥/ ٢٠٣.
(٢) البدعة لغة: من بدَعَ الشيء إذا أنشأه وبدأه، وبَدَعَ الرَّكِيَّة: أنشأها وأحدثها. وفي الاصطلاح: عرَّفها الشاطبي بقوله: "هي طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه - على القول بعدم دخول العادات في البدعة - أو أنه يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية - على القول بدخولها -". انظر: لسان العرب، مادة: (بدع) ٦/ ٨، الاعتصام ١/ ٤٣.
(٣) انظر في معنى هذا الكلام: مجموع الفتاوى ٢٥/ ٢٠٥.
(٤) الإغمامُ من: غمَّ الشيء، أي: غطَّاه، وغمَّ السماء وأغَمَّ: جاء بِغَمٍّ من تكاثف حر أو غيم.
وغُمَّ الهلال: سُتِر بغيمٍ أو غيره، ويقال: كان على السماء غَمٌّ وغمْيٌ فحال دون الهلال، وهو غيم رقيق أو ضبابة. مادة: (غمم)، المصباح المنير ٣٦٩ الصحاح ٥/ ١٩٩٩.
(٥) انظره في: ٦/ ٧٩.
(٦) انظر: المستوعب ١/ ٦١٠، المقنع ١٣١، الإقناع ٢/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>