للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلمْ أنه لا يَمَسُّ قبرَ النبي ، ولَا يتمسَّحُ بهِ، ولا يقبِّلُه (١)، ولا الحائطَ، ولا يلصقُ به صدرَه (٢)، فإن فعلَ ذلك كُرِهَ (٣)؛ لما فيه منْ إساءةِ الأدبِ، وهو بدعَةٌ لم يفعلْهُ أحدٌ من السَّلَفِ ولا من تبِعَهُم من الخلفِ (٤). ويكرهُ رفعُ الصوتِ عندَ الحجرةِ الشريفةِ (٥)؛ لما فيه من إساءةِ الأدبِ ولما تقدَّمَ من الآيةِ. قال الشيخ تقي الدين: "ويحرُمُ طوافُهُ بغَيرِ البيتِ العتيقِ اتفاقًا" (٦)، وقال: "واتفَقُوا - يعني: العُلَمَاءَ - أنهُ لا يقَبِّلُهُ، وَلَا يتَمَسَّحُ بِهِ، فإنَهُ منَ الشّرْكِ الأَصْغَرِ (٧) "، وقال: "والشِّرْكُ لَا يغْفِرُهُ الله وَلَوْ كَانَ أصغَرَ" (٨). قال ابن عقيل وابن الجوزي: "يكرَهُ قصدُ القبورِ للدُّعَاءِ" (٩). وقال الشيخ (١٠): "يكرَهُ وقوفُه عندَهَا لَهُ - أي:


(١) انظر: الشرح الكبير ٣/ ٤٩٦، مجموع الفتاوى ٢٧/ ٧٩، الفروع ٦/ ٦٦.
(٢) انظر: المغني ٥/ ٤٦٨، المستوعب ١/ ٦٠٥، الإقناع ٢/ ٣٢.
(٣) أي: كراهة تحريم. انظر: حاشية الروض المربع ٤/ ١٩٤.
(٤) قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل - قبر النبي يُمَسُّ ويتمسح به؟ فقال: "ما أعْرِفُ هذا". انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ٢٤٤، كشاف القناع ٢/ ٥١٧.
(٥) انظر: مجموع الفتاوى ٢٧/ ٣٢٣، الفروع ٦/ ٦٦، منتهى الإرادات ١/ ٢٠٨، الروض المربع ١/ ٥٢٣.
(٦) انظره في: مجموع الفتاوى ٢٦/ ٢٥٠. وقال في الجزء نفسه ١٣٣: "هو من أعظم البدع المحرمة".
(٧) الشرك لغة: هو أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما. وفي الشرع: هو أن تعدل بالله تعالى مخلوقاته في بعض ما يستحقه وحده. وهو نوعان: شرك في الربوبية، وشرك في الألوهية، والشرك في الألوهية نوعان: أصغر وأكبر، والشرك الأصغر: قيل: هو ما جاء في النصوص أنه شرك ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر؛ كقوله : "إِنَّ أَخْوفَ مَا أخَافُ عَلَيكُمُ الشِّركَ الأَصْغَرَ". قالُوا: ومَا الشركُ الأَصغَرُ؟ قال: "الرِّيَاءُ"، وكقوله : "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ". وقيل: هو كل وسيلة وذريعة يُتطرق منها إلى الشرك الأكبر من الإرادات والأقوال والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة. ومن أمثلته: الحلف بغير الله، وقول: "ما شاء الله وشئت"، و"لولا صياح الديك لسرق المتاع"، والرياء اليسير. انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد ٤٣، فتاوى اللجنة الدائمة ١/ ٧٤٨، حاشية ابن قاسم على كتاب التوحيد ٥٠.
(٨) لم أجده عن شيخ الإسلام بهذا اللفظ، ونقله عنه تلميذه ابن مفلح في الفروع ٦/ ٦٦.
ووجدت في مجموع الفتاوى قريبًا من ذلك في مواضع، انظر: ٢٦/ ٩٧، ٢٧/ ٨٠، ٢٧/ ١٩١.
(٩) نقله عنهما في الإنصاف ٤/ ٥٣.
(١٠) هذا الإطلاق من المشترك اللفظي عند الحنابلة إذ يراد به رجلان من علماء المذهب، =

<<  <  ج: ص:  >  >>