كتاب مسلك الراغب لشرح دليل الطالب

(فصل) - تتمة: الهدنة - ج: 2 - ص: 330

لازمةٌ (١). والأصل فيها قوله تعالى: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١)﴾ (التوبة: ١)، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ﴾ (الأنفال: ٦١)، وروي عنه ﷺ: أنهُ صالحَ قريشًا على وضعِ القتال عشرَ سنين (٢). ولا تصحُّ الهدنةُ إلا حيثُ جازَ تأخيرُ الجهادِ لنحو ضعفٍ بالمسلمينَ، أو مانعٍ بالطريقِ (٣)، فيهادنُهم مدةً معلومةً، بقدرِ الحاجةِ (٤). ويصحُّ بعوضٍ منهم (٥)، أو منَّا لضررنا (٦)، وبغير عوضٍ، بحسب المصلحةِ (٧)، ولا يصحُّ عقدُها إلا من إمامٍ أو نائبِه (٨)، (وإن مات الإمامُ أو نائبُه أو عزِل، لزمَ الثانيَ الوفاءُ بها) (٩).

وإن حصلَ منهمْ قتالٌ، أو معاونةٌ لعدوٍّ، أو قتلُ مسلم، أو أخذُ مال، انتقضَ عهدُهم (١٠). وإن نقضَ البعضُ فأقرَّ الباقونَ، ولم يوجد منهمْ مراسلةُ الإمامِ ونحوِه، ولا إنكارٌ، فالكلُّ ناقضونَ (١١)، وإن وُجدَ منهم شيءٌ من ذلكَ بقولٍ أو فعلٍ أو تمييزٍ

---

= انظر مادة: (هدن)، لسان العرب ١٣/ ٤٣٤، المحكم ٤/ ١٨٦، النهاية في غريب الحديث ٢/ ٨٩٨.
(١) انظر: المغني ١٣/ ١٥٧، التنقيح المشبع ١١٩، الإقناع ٢/ ١٢٣.
(٢) أخرجه أبو داود من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، في كتاب الجهاد، باب في صلح العدو (٢٧٦٦) ٢/ ٩٥، وأحمد في المسند (١٨٩١٠) ٣١/ ٢١٨، والبيهقي (١٩٢٨٢) ٩/ ٢٢١. صححه ابن الملقن في البدر ٩/ ٢٢١، وأصله في البخاري من غير ذكر المدة. في كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب (٢٧٣١) ٢/ ٩٧٤.
(٣) أو وجود مشقة تلحقهم بغزوهم لبعدهم، أو أن يطمع في إسلامهم بهُدنَتِهم، أو في أدائهم الجزية، أو غير ذلك من المصالح. انظر: الهداية ١٤٧، المستوعب ٣/ ٢٠٣، الشرح الكبير ١٠/ ٥٧٣.
(٤) ولو أكثر من عشر سنين. انظر: الوجيز ١٦٥، المبدع ٣/ ٣٩٩، التوضيح ٢/ ٥٧١.
(٥) انظر: الشرح الكبير ١٠/ ٥٧٣، المحرر ٢/ ١٨٢.
(٦) انظر: الفروع ١٠/ ٣١٢، الإنصاف ٤/ ٢١١، منتهى الإرادات ١/ ٢٣٤.
(٧) نص عليه في: الكافي ٤/ ٣٤٠، والمغني ١٣/ ١٥٥. وأطلق في المحرر الخلاف فيه ٢/ ١٨٢. ويفهم من باقي كلام الأصحاب أنه من باب أولى إذا جازت بمالٍ منا.
(٨) انظر: المقنع ١٤٦، الوجيز ١٦٥، الفروع ١٠/ ٣١٢.
(٩) انظر: الكافي ٣/ ٣٤٢، المبدع ٣/ ٣٩٨، معونة أولي النهى ٣/ ٧٤٢.
(١٠) انظر: الشرح الكبير ١٠/ ٥٧٥، الإقناع ٢/ ١٢٣، شرح منتهى الإرادات ١/ ٦٥٧.
(١١) انظر: الكافي ٤/ ٣٤٤، الإنصاف ٤/ ٢١٦، منتهى الإرادات ١/ ٢٣٥.