الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، حمدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، حمدًا يوافي نِعَمَهُ ويكافىء مَزيده، والصلاة والسلام الأتمَّان على المصطفى الأمين، خيرِ خلق الله وخاتَمِ رُسُلِهِ أجمعين، وعلى آله وصحبه الذين ساروا على هديه واقتفوا مَنهَجَهُ القويم، ومن تبعهم بإحسان وتأسَّى بهم في حفظ الهدي النبوي الكريم.
أما بعد: فقد مَنَّ الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين بأن نزَّل عليهم كتابه الحكيم، ليبيِّن للناس سُبلَ السعادة في دينهم ودنياهم، وقد تولّى الله جل وعلا حِفْظَ هذا الكتاب الكريم بقوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(١) وقد شرَّف الله عَزَّ وَجَلَّ بهذا القرآنِ الكريمِ نبيَّه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وأعطاه السُنه مبينةً للقرآن، مفصِّلة لمجمل أحكامه، شارحةً ما يحتاج إلى الشرح منه.
ولما كانت للسُنَّةِ النبويةِ هذه المكانةُ العاليةُ عُنِيَت الأمَّةُ الإِسلامية بها العناية التامة حتى صارت تلك العناية من مميزات السُنَّةِ النبويةِ الشريفةِ، وخاصية من خصائصها، فقامت طائفةٌ من العلماء المخلصين