إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يضلل فلا هادي له، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - صلى الله عليه وسلم -، أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئاً.
أما بعد:
فلا يخفى أن السنة بيان القرآن، ووسيلة فهمه، وقد امتن الله على عباده بهذه الحكمة، وندب لها من عباده المخلصين، والأئمة المهديين، من صبر وصابر في الحفاظ عليها، ونشرها بين الأمة قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، وكان المحدثون فرسان هذا الشأن، فحازوا قصب السبق فيه، ولا تزال أياديهم البيضاء التي سطرت أجل تراث تمتلكه الأمة الإِسلامية في تاريخها المديد، وكانوا بحق أمثلة حية رائعة في الذود عن حياض الإِسلام، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، كلما انعقدت ألوية البدع، وأجلبت شبهات الضلال، فزعوا إليها من كل حدب وصوب، فمزقوا خميسمهم، وكشفوا تزييفهم حتى ترفرف راية الحق