للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبعد رجوعه من مصر تصدر الفتيا في المسجد الحرام، إلى جانب عقد مجالس التحديث والفقه، وحُقَّ له ذلك فقد جمع بين حديث ابن عيينة وفقهه، وفقه الشافعي، إلى جنب ما سمع واستفاد من غيرهما.

قال أبو عبد الله الحاكم (١): الحميدي مفتي أهل مكة ومحدثهم، وهو لأهل الحجاز في السنة كأحمد بن حنبل لأهل العراق. اهـ.

[المطلب السابع شبهات حول شخصية الإمام، ودحضها]

لا يكاد أحد ينجو من كلام الآخرين، وخاصة أقرانه، ولا سيما إذا كان ممن بَعُدَ صيتهم وعلت منزلتهم، واشتهرت معارضتهم لغيرهم، لكن هذا الكلام منه المؤثر، ومنه غير المؤثر، ومنه المفتعل. وقد نقل عن الإمام يحيى بن معين في حق الحميدي كلام محتمل، وكلام غريب.

أما المحتمل فهو ما نقله الدوري (٢) عنه أنه قال: كان يجيء إلى سفيان، ولا يكتب. قلت ليحيى: فما كان يصنع؟ قال: كان إذا قام أخذها -يعني يحيى أنه كان يتسهل في السماع-. اهـ. فهذا الكلام ليس فيه قدح في الحميدي، لأنه هو صاحب الرجل وملازمه، وراويته، فليس بإمكان ابن معين، أو غيره، ممن يقيم عند سفيان بن عيينة اليوم واليومين، والشهر والشهرين، الحكم على الحميدي وسماعه من سفيان، فإن الرجل قد لازمه ما يقرب من عشرين سنة، فاستوعب ما عنده، وحفظه، وفاق أقرانه فيه.

وذكر ابن الجنيد في سؤالاته (٣): قلت ليحيى بن معين: الحميدي


(١) طبقات الشافعية الكبرى (٢/ ١٤١).
(٢) تاريخ ابن معين (٢/ ٣٠٨).
(٣) سؤالات ابن الجنيد (٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>