للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيان ومعرفة. فقلت له: فمن هو؟ قال: محمد بن إدريس الشافعي.

وكان أحمد بن حنبل قد جالسه بالعراق، فلم يزل بي حتى اجترني إليه.

وكان الشافعي قبالة الميزاب، فجلسنا إليه، ودارت مسائل. فلما قمنا قال لي أحمد بن حنبل: كيف رأيت؟ فجعلت أتتبع ما كان أخطأ فيه -وكان ذلك مني بالقرشية (يعني: الحسد) - فقال لي أحمد بن حنبل: فأنت لا ترضى أن يكون رجل من قريش يكون له هذه المعرفة، وهذا البيان!!! -أو نحو هذا القول- تمر مائة مسألة، يخطئ خمسًا أو عشرًا، اترك ما أخطأ، وخذ ما أصاب. قال: وكان كلامه وقع في قلبي، فجالسته، فغلبتهم عليه، فلم نزل نقدم مجلس الشافعي، حتى كان بقرب مجلس سفيان.

قال: وخرجت مع الشافعي، إلى مصر. وكان هو ساكنًا في العلو، ونحن في الأوسط ... إلخ. فلازمه ملازمة الابن لأبيه.

وكان الإمام الشافعي يعامل طلابه معاملة أبنائه، ويحب لهم كل خير، ولا يزال يفيدهم في كل أوقاته، ليلًا ونهارًا.

قال الحميدي (١): كان الشافعي ربما ألقى علىَّ وعلى ابنه أبي عثمان، المسألة، فيقول: أيكما أصاب فله دينار. فتخرج الحميدي به، حتى عد من كبار أصحابه. وقد رأى من نفسه بعد طول هذه المجالسة، التأهل لتصدر مجلس الشافعي بعد وفاته.

قال الذهبي (٢): لما توفي الشافعي أراد الحميدي أن يتصدر موضعه، فتنافس هو وابن عبد الحكم على ذلك، وغلبه ابن عبد الحكم على مجلس الإمام، ثم إن الحميدي رجع إلى مكة، وأقام بها ينشر العلم، رحمه الله. اهـ.


(١) آداب الشافعي (ص ٩٧).
(٢) السير (١٠/ ٦١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>