لقد بلغ مشايخه من أهل بلده نصف من روى عنهم، كما بلغ شيوخه الكوفيون، نحو الربع، أما أهل واسط واليمامة فكانوا العشر من ذلك، وحيث إن اليمامة تقع في وسط نجد، فيحتمل أنه مر بها في طريقه إلى الحج أو عودته كما يحتمل فيهم، وفي من غير من شيوخه أن يكون التقى بهم في موسم الحج، أو أنهم وردوا البصرة، فأخذ عنهم.
المهم أنني لم أعرف له كبير رحلة، إلَاّ ما يحتمل في النواحي المجاورة لبلده، أو إلى الحج، والله أعلم.
[المطلب الرابع شيوخه]
تقدم قبل قليل أن مشايخ مسدد البصريون كان لهم النصيب الأوفر في روايته، كما كانت همّة هذا الإمام عالية فاعتنى بالكبار منهم، ولذا نجده قد نهل من معين القطان حتى خرج الري من أظفاره، وكاد مسنده يصير مسندًا للقطان بروايته، كيف لا، وقد بلغت أحاديثه عن القطان من مجموع أحاديثه الزوائد في المطالب نحو الثلث، مع أن الذي وصلت إليه من شيوخه بلغوا ثمانين إلَاّ واحدًا، وهذا ليس بغريب على من عرف قدر القطان، وقد تقدم شيء من ذلك قبل قليل. كما حمل عن غيره من الجهابذة، مثل:
(أ) حماد بن زيد الأزدي، ويمكن أن أشير هنا إلى شيء من الثناء عليه، فقد قال ابن مهدي: أئمة الناس في زمانهم أربعة: -وذكر منهم- حماد بن زيد بالبصرة، وقال الثوري: رجل البصرة بعد شعبة، ذاك الأزرق -يعني حمادًا-، وقال ابن خراش: لم يخطئ حماد بن زيد في حديث قط، وقال أبو عاصم النبيل: مات حماد بن زيد يوم مات، ولا أعلم له في الإسلام