للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سمات (١) الوحي، فلما سري (٢) عنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ أَعْطَانِي مَا سألتم. ولو شئت لكان، ولكنه جل وعلا خَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ تَدْخُلُوا (٣) فِي بَابِ الرَّحْمَةِ فَيُؤْمِنْ مُؤْمِنُكُمْ. وَبَيْنَ أَنْ يَكِلَكُمْ إِلَى مَا اخْتَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَتَضِلُّوا عَنْ بَابِ الرَّحْمَةِ فَلَا يُؤْمِنُ مُؤْمِنُكُمْ فَاخْتَرْتُ بَابَ الرَّحْمَةِ، فَيُؤْمِنُ مُؤْمِنُكُمْ. وَأَخْبَرَنِي إِنْ أَعْطَاكُمْ (٤) ذَلِكَ ثُمَّ كَفَرْتُمْ أَنْ يُعَذِّبَكُمْ عَذَابًا شَدِيدًا لَمْ يُعَذِّبْهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. فَنَزَلَتْ: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} (٥) إلى ثلاث آيات. ونزلت: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ ...} (٦) الآية.


(١) السمات: جمع سمة، أي: علامات، وآثار الوحي ومخايله. يقال: توسمت فيه الخير، أي: تفرست: مأخذه من الوسم، أي: عرفت منه سمته وعلامته. انظر: اللسان (١٢/ ٦٣٧)، وللوحي علامات وسمات. إذ الوحي ينقسم إلى قسمين:
١ - ما كان بلا واسطة. ويكون بأحد أمرين:
(أ) من وراء حجاب.
(ب) الرؤيا المنامية.
٢ - ما كان بواسطة الملك. ولا يخلو من إحدى حالتين:
(أ) أن يأتيه مثل صلصلة الجرس وهو أشد عليه -صلى الله عليه وسلم-.
(ب) أن يتمثل له الملك رجلًا فيكلمه. وهي أخف من سابقتها.
وقد روى البخاري في الصحيح (١/ ١٣: ٢ - كتاب بدء الوحي، عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا فيكلمني فأعي عنه ما يقول .. قالت عائشة رضي الله عنها: "ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا".
انظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٠٠)، مباحث في علوم القرآن، (ص ٣٧).
(٢) سرى عنه: أي تجلى همه. انظر: اللسان (١٤/ ٣٨٠).
(٣) في (مح): "أن يدخلوا"، والصحيح في (عم) و (سد).
(٤) في (عم): "بأن أعطاكم".
(٥) تمام الآية {... وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٥٩].
(٦) تمام الآية: {... أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}. [الرعد ٣١].

<<  <  ج: ص:  >  >>