ما حكم به الحافظ على هذا الحديث صحيح لا غبار عليه، وما قاله من عدم سماع عون بن عبد الله من ابن مسعود قد قاله غير واحد من أهل العلم، كالترمذي، والدارقطني، بل حكى المِزْيُّ أنه يقال: إن روايته عن الصحابة مرسلة. وقد أثبت له السماع من أبي هريرة: البخاري، وابن أبي حاتم. انظر: مصادر ترجمته. فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لعدم معرفة الواسطة بين عون وعَمِّ أبيه عبد الله بن مسعود، لكن كما ذكر الحافظ، قد روي هذا الحديث بألفاظ مقاربة للفظ حديث الباب، من طريق عمرو بن عبسة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: فرواه مسلم (١/ ٥٦٩: ٨٣٢)، وفي أوله قصة، وفي آخره ذكر الوضوء؛ وأبو داود (٢/ ٥٦: ١٢٧٧)؛ والنسائي (١/ ٢٨٣: ٥٨٤)؛ وابن ماجه (١/ ٣٩٦: ١٢٥١)؛ وأحمد (٤/ ١١١، ١١٢، ١١٣).
وفي كل هذه الروايات نهيه عن الصلاة بعد العصر إلى أن تغرب الشمس.
وعند النسائي (١/ ٢٧٩: ٥٧٢)، وأحمد (٤/ ٣٨٥) كما في حديث الباب، أي: أمره أن يصلي حتى تقرب الشمس من الغروب، وسند النسائي صحيح.
أما قول الليث: وحدثني بعض إخواننا عن المقبري في هَذَا الْحَدِيثَ، أَنَّهُ قَالَ:"إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ يَوْمَئِذٍ نِصْفَ النَّهَارِ لأن جهنم لا تسعر فيه" فلم أجد فيما وقفت عليه من طرق الحديث له ذكرًا، وهو ضعيف جدًا لعدم معرفة الواسطة بين الليث والمقبري. فإن كان القائل: قال الليث، هو إسحاق، فهو معلق منقطع في موضعين.
وستأتي أحاديث في الصلاة وسط النهار. انظر: حديث رقم (٣٠٠).