= وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر -كهيئة التعزية له- فإن أصابت الإِمرة سعدًا فهو ذاك، وإلَاّ فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعز له عن عجز ولا خيانة، وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا، الذين تبؤوا الدار والإِيمان من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفي عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا، فإنهم ردء الإِسلام، وجباة المال. وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلَّا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيرًا، فإنهم أهل العرب، ومادة الإِسلام، أن يؤخذ من حواشي أموالهم، ويرد على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلَّا طاقتهم، فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي، فسلم عبد الله بن عمر، قال: يستأذن عمر بن الخطاب. قالت: أدخلوه.
فأدخل، فوضع هنالك مع صاحبيه، فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط. فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف. فقال عبد الرحمن: أيكم تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه. والله عليه والإِسلام لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان. فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلىَّ والله عليَّ أن لا آلوا عن أفضلكم؟ قالا: نعم. فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقدم في الإِسلام ما قد علمت. فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن. ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن، ثم خلا بالآخر فقال مثل ذلك. فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يديك يا عثمان. فبايعه. فبايع له علي. وولج أهل الدار فبايعوه.
هذه رواية الصحيح. أخرجها البخاري: في مناقب عثمان (٣/ ١٩: ٣٧٠٠)، عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون باللفظ المتقدم. =