حميد، وما كان أيضًا متعلقًا بسنة نبيه الذي وصفه الحق تبارك وتعالى بقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (١).
وسنة رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ جاءت متممة للشرع الحكيم، مفسرة للقرآن الكريم، مبيّنة للناحية العملية من العبادات والفقه، ففصَّلت المجمل، ووضَّحت طريق الهدى والرشاد بوضوح وجلاء كالمحجة البيضاء ليلها كنهارها, لا يزيغ عنها إلَّا هالك.
وإنَّ من فضل الله على هذه الأُمة أن قيض لها من قام بتدوينها وتهذيبها وتمييز صحيحها من سقيمها والدفاع عنها من العلماء العاملين والجهابذة المخلصين، فبذلوا الغالي والرخيص لنقلها وحفظها من عبث العابثين وجهالات المنحرفين وأباطيل الكاذبين، ولم يدعوا وسيلة من وسائل التثبُّت والتيقن إلَّا سلكوها، حتى تركوا لنا تراثًا ضخمًا من المصنفات في شتّى أنواع العلوم المختلفة المتعلقة بالسنة.
ومن أولئك الحفّاظ الجهابذة الأعلام، حافظ عصره ووحيد دهره ابن حجر العسقلاني، ومن تلك المصنفات التي ألّفها: كتابه الموسوم "بالمطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية".
وهو من أجل كتب الفوائد قدرًا، وأعظمها خَطَرًا، لما حواه من روايات عزيزة وفوائد غزيرة، ويكفي أنه حفظ لنا أحاديث أصول بأسانيدها من أمهات فُقِد أكثرها ولم يبق منها غير زوائدها التي جمعت في هذه المصنف.
ولذا رأى قسم السنَّة وعلومها بكلية أصول الدين الحاجة الماسَّة لتحقيقه، والعمل فيه، وخدمته الخدمة العلمية اللائقة به.