للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا بَيْنَ صَدْرِي إِلَى مُنْتَهَى عَانَتِي، كَأَنَّهُ شِرَاكٌ، فَذَاكَ حَقِيقَةُ قَوْلِي وَبَدْءُ شَأْنِي. فَقَالَ الْعَامِرِيُّ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ أَمْرَكَ حَقٌّ، فَأَنْبِئْنِي بِأَشْيَاءَ، أَسْأَلُكَ عَنْهَا. قال -صلى الله عليه وسلم-: سل عنك. قال: وكان إليك يقول لِلسَّائِلِينَ قَبْلَ ذَلِكَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ، فَقَالَ يَوْمَئِذٍ لِلْعَامِرِيِّ: سَلْ عَنْكَ. فَكَلَّمَهُ بِلُغَةِ بَنِي عَامِرٍ، فَكَلَّمَهُ بِمَا يَعْرِفُ، فَقَالَ الْعَامِرِيُّ: أَخْبِرْنِي يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (٢٣)! مَاذَا يَزِيدُ في الشر (٢٤)؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: التمادي، قال: فهل ينفع البر بعد الفجور؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: نَعَمْ التَّوْبَةُ تَغْسِلُ الْحَوْبَةَ، إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، وَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ فِي الرَّخَاءِ، أعانه عند النبلاء، قَالَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ -تعالى- يَقُولُ: لَا أَجْمَعُ لِعَبْدِي أَمْنَيْنِ، وَلَا أَجْمَعُ له خوفين، قال: إلى ما تدعو، قال -صلى الله عليه وسلم-: أدعو إلى عبادة الله تعالى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنْ تَخْلَعَ الْأَنْدَادَ وَتَكْفُرَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَتُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِنَ الله تعالى مِنْ كِتَابٍ وَرَسُولٍ، وَتُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِحَقَائِقِهِنَّ، وَتَصُومُ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ، وَتُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِكَ، فيطهرك (٢٥) الله تعالى بِهِ، وَيَطِيبُ لَكَ مَالَكَ، وَتَقِرُّ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَبِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

قَالَ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! فَإِنْ أَنَا فَعَلْتُ ذَلِكَ (٢٦)، فَمَا لِي؟ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، قَالَ: فَهَلْ مع هذا من الدنيا شيء؛ فإنه تعجبنا الوطاءة في (٢٧) العيش، فقال النبي إليك نَعَمْ، النَّصْرُ وَالتَّمْكِينُ فِي الْبِلَادِ، قَالَ: فَأَجَابَ العامري وأناب.


(٢٣) في (عم): "يا ابن عبد الملك".
(٢٤) في (عم): "الشح".
(٢٥) في (عم): "فيطهر".
(٢٦) في (عم): والإتحاف: "هذا".
(٢٧) في (مح): "إلى"، وما أثبته من (عم).

<<  <  ج: ص:  >  >>