للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَدِي، فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى عُكَنِهِ فَوْقَ إِزَارِهِ كَأَنَّهَا طَيُّ الْقَرَاطِيسِ، فَإِذَا نُورٌ ساطع عند فؤاده كاد يَخْطَفُ بَصَرِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدَةً. فَلَمَّا رَفَعْتُ رَأْسِي إذا هو -صلى الله عليه وسلم- قَدْ خَرَجَ. فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ: وَيْلَكِ (٨)! اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي مَاذَا يَقُولُ، وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ! فَلَمَّا رَجَعَتْ نَبْعَةُ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ، فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وعمرو بن هشام، والوليد بن مغيرة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ الْعِشَاءَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ، وَأَتَيْتُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بيت المقدس، فنشر (٩) لي وهي من الأنبياء: منهم إبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم الصلاة والسلام وصليت بهم، وكلَّمتهم. فقال عمرو بن هشام كالمستهزىء به: صفهم لي! فقال -صلى الله عليه وسلم-: أما عيسى عليه السلام ففوق الرَّبْعَة ودون الطويل، عريض الصَّدْرِ، ظَاهِرُ الدَّمِ، جَعْدُ الشَّعْرِ، تَعْلُوهُ صُهْبَةُ،/ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ. وَأَمَّا مُوسَى عليه السلام فَضَخْمٌ آدَمُ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ، مقلَّص الشَّفَةِ، خَارِجُ اللِّثَةِ، عَابِسٌ. وأما إبراهيم عليه السلام فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَشْبَهُ النَّاسِ بِي خُلُقًا وَخَلْقًا.

قَالَ: فضجُّوا، وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ. فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ: كُلُّ أَمْرِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ كَانَ أَمَمًا غَيْرَ قَوْلِكَ الْيَوْمَ، أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ، نَحْنُ نَضْرِبُ أَكْبَادَ الإِبل إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، نَصْعَدُ (١٠) شَهْرًا، وَنَنْحَدِرُ (١١) شَهْرًا تَزْعُمُ أَنَّكَ أَتَيْتَهُ فِي لَيْلَةٍ، وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا أُصَدِّقُكَ وما كان الذى تقوله قط. وكان


(٨) في المطبوعة ومعجم شيوخ أبي يعلى: "ويحك".
(٩) غير واضحة في (مح)، فصححت من معجم شيوخ أبي يعلى.
(١٠) في معجم أبي يعلى: "مصعدا شهرًا".
(١١) في معجم أبي يعلى: "منحدرًا شهرًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>