الحدود، فلو كان محاباة عند حضور موته رضي الله عنه لجعلها في ولده، فأشار بعمر رضي الله عنه، وَلَمْ يَأْلُ، فَبَايَعَهُ الْمُسْلِمُونَ، وبايعتُه مَعَهُمْ، وَكُنْتُ أَغْزُو إِذَا أَغْزَانِي وَآخُذُ إِذَا أَعْطَانِي، وَكُنْتُ سوطًا بين يديه رضي الله عنه فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ، فَلَوْ كَانَتْ مُحَابَاةً عِنْدَ حضور موته رضي الله عنه، لجعلها في ولده، وكره أن يتخير من مَعْشَرَ قُرَيْشٍ رَجُلًا، فَيُوَلِّيهِ أَمْرَ الأُمة، فَلَا يكون فِيهِ إِسَاءَةٌ مِنْ بَعْدِهِ إلَّا لَحِقَتْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي قَبْرِهِ، فَاخْتَارَ مِنَّا سِتَّةً. أَنَا فِيهِمْ، لِنَخْتَارَ لِلْأُمَّةِ رَجُلًا، فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا وَثَبَ عَبْدُ الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فَوَهَبَ لَنَا نَصِيبَهُ مِنْهَا عَلَى أَنْ نُعْطِيَهُ مواثيقًا على أن يختار من الخمسة رجلًا فيولّيه أَمْرَ الأُمة، فَأَعْطَيْنَاهُ مَوَاثِيقَنَا، فَأَخَذَ بِيَدِ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَبَايَعَهُ، وَلَقَدْ عَرَضَ فِي نَفْسِي عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَمَّا نظرتُ فِي أَمْرِي، فَإِذَا عَهْدِي قَدْ سَبَقَ بَيْعَتِي، فبايعتُ وسلمتُ، وَكُنْتُ أَغْزُو إِذَا أَغْزَانِي وَآخُذُ إِذَا أَعْطَانِي، وَكُنْتُ سَوْطًا بَيْنَ يديه رضي الله عنه في إقامة الحدود، فلما قتل عثمان رضي الله عنه، نظرتُ فِي أَمْرِي، فَإِذَا الْمَوْثِقَةُ الَّتِي كَانَتْ في عنقي لأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما قد انجلت، وإذا العهد لعثمان رضي الله عنه قَدْ وَفَّيْتُ بِهِ، وَأَنَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدِي دَعْوَى، وَلَا طَلِبَةٌ، فَوَثَبَ فيها من ليس مثلي (يعني معاوية رضي الله عنه) لَا قَرَابَتُهُ قَرَابَتِي، وَلَا عِلْمُهُ كَعِلْمِي، وَلَا سَابِقَتُهُ كَسَابِقَتِي، وَكُنْتُ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُ، قَالَا: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنَا عَنْ قِتَالِكَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ (يَعْنِيَانِ طلحة والزبير رضي الله عنهما) صَاحِبَاكَ فِي الْهِجْرَةِ، وَصَاحِبَاكَ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وصاحباك في المشورة، فقال رضي الله عنه: بَايَعَانِي بِالْمَدِينَةِ، وَخَالَفَانِي بِالْبَصْرَةِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ممن بايع أبا بكر رضي الله عنه خَلَعَهُ لَقَاتَلْنَاهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ بَايَعَ عمر رضي الله عنه خلعه لقاتلناه.