للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسلمين بالعجم من أصحاب الملل والنحل الأخرى، وإن كان بعضهم دخل في الإسلام فحسن إسلامه، فإن هناك طوائف دخلت في الإسلام فرارًا من الجزية، وليتمكنوا من الكيد والدس الخفي، وصاحَبَ هذه مبالغة المأمون في تشجيع حركة الترجمة، فأدى هذا إلى ترجمة فلسفات، وأفكار، وعقائد منحرفة، من كتب اليونان والفرس، واليهود، والنصارى وغيرهم، فظهرت مذاهب الاعتزال، والزندقة، والعقائد الفاسدة في أصل الكون، ومصير الأرواح، والتخبط في مذاهب أهل الكلام في أسماء الله تعالى وصفاته.

ولم تكن للزنادقة غلبة فكر في بادئ الأمر فقد تتبعهم متقدموا خلفاء بني العباس إلى عهد هارون الرشيد (١)، وشددوا عليهم النكير وقتلوا منهم من يخشى خطره وضرره، وهرب الباقي، وكان ممن هربوا بشر بن غياث المريسي (٢).

ولما كان الخلفاء آنذاك يُقْدِمُون على التَّسَرِّي واتخاذ أمهات الأولاد من الإماء من بلاد الفرس، والروم، وغيرهم، حتى أكثروا من ذلك، فحدث أن آلت الخلافة إلى بعض أولادهن فقَرَّبُوا أعدادًا من العجم من الفرس وغيرهم، وأحلوهم مراكز عالية في الدولة الإسلامية، واتخذوا منهم بطانة لعبت دورًا كبيرًا في تشويه نقاء العقيدة الإسلامية، وتكدير صفائها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك حمل الناس جَبْرًا على القول بخلق القرآن الكريم، كما قام الزنادقة وأتباعهم بوضع الأحاديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وإزاء هذا كان لأئمة السنة دور واضح في تصحيح العقيدة، ونقد الرجال


(١) من الأمثلة عليه ما ذكره الحافظ ابن كثير، انظر: البداية والنهاية (١٠/ ١٦١، ٢١٥).
(٢) انظر ترجمته في البداية والنهاية (١٠/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>