مخافة أن يقتله حين كان يتتبع الزنادقة ويهلكهم، فبدأ يناظر أهل السنة ويقارعهم الحجة بحضرة الخليفة.
- وما أن جاءت سنة (٢١٨ هـ) حتى عظم البلاء وامتحن أئمة السنة، وأرغموا على الإجابة فمنهم من أجاب تقية مكرهًا، ومنهم من امتنع. فأرسلوه إلى الخليفة وأجاب هناك متأولًا، ومنهم من ثبت وامتنع وناله من ذلك بلاء عظيم، وشدة.
ومن أبرز هؤلاء الإمام أحمد، ومحمد بن نوح الذي مات في الطريق حين حمل هو والإمام أحمد إلى المأمون فمات المأمون قبل وصولهما فأعيدا إلى بغداد، واستمر البلاء في عهد المعتصم والواثق وثَبت الله الإمام أحمد، ثم ارتفعت الفتنة في عهد المتوكل.
- وفي هذا العصر أيضًا نشطت حركة الترجمة كما تقدم فأدى هذا إلى دخول أفكار فلسفية جدلية من أصحاب الملل والنحل الأخرى: اليهود والنصارى، والفرس، واليونان، وغيرهم، فظهر التخبط في المذاهب الكلامية وتشوشت بعض الأذهان بما لا طائل تحته.
- وكانت بلاد الحرمين الشريفين من أسعد البلاد حظًا بالبعد عن كثير من هذه الفتن، ولم يذكر عن الأئمة المبرزين أمثال سفيان بن عيينة، والحميدي، والفضيل بن عياض، والعدني، أنهم تلبسوا بشيء منها.
فيظهر أن الإمام العدني -رحمه الله- كان على مذهب السلف يعتقد ما يعتقده أهل السنة والجماعة ومما يؤكد هذا:
١ - كتابه "الإيمان" فإن الذي يتأمله يزداد قناعة بسلامة معتقده، وقد ركز فيه على تحقيق أن العمل من الإيمان، وصرح بأن هذا هو مذهب أهل السنة (١)، كما تعرض لبيان ما ينقص الإيمان من