للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولعل تضعيف الأزدي له، وكذا ابن حزم -في قولِ- مبنيٌّ على كون الحارث كان يأخذ على التحديث أجرة (١).

والتحقيق أنَّ هذا في حَقِّه ليس بقادح، كما عَلِمْت من كلام الإمام الصنعاني -المذكور في الهامش-، إذ كان الحارث -رحمه الله-، فقيرًا مُدْقعًا، فقد قال محمد بن موسى الرازي: سمعت الحارث بن أبي أسامة يقول: "لي ستّ بنات، أصغرهن بنت ستين سنة، ما زَوجت واحدة منهم لأنني فقير، وما جاءني إلَاّ فقير، وكَرِهت أن أزيد في عيالي، وها كفَنِي على الوَتِد من ثلاثين سنة، خِفْت أن لا يَجِدوا لي كَفَنًا (٢).

على أنّ الأزْدي نفسه مُضعَّف عند المُحدِّثين، ولا يقبل جرحه.

وأمَّا ابن حَزْم حين قال في الحارث: "مجهول" فلا يُعوَّل عليه الْبَتة، فقد جَهّل أبا عيسى الترمذي (٣) وغيره وهم معروفون مشهورون.

قال الإمام الذهبي في ترجمة الإمام الترمذي: "محمد بن عيسى الحافظ


(١) وقد اختلف العلماء في أخذ الأجرة على التحديث، منهم من أجاز ذلك كمجاهد وأبي نُعَيم الفضل بن دكين ويعقوب بن إبراهيم وغيرهم. ومنهم من منعه كالحسن البصري وإسحاق بن رَاهُويَه وأحمد بن حنبل وغيرهم ... والراجح أنّ في المسألة تفصيل، بيْنه الإمام الصنعاني في "توضيح الأفكار" (٢/ ٢٥٢) فقال: [والذي نختاره أنه يجب أن يفرق بين من يكون له ما يمون نفسه وأهله منه، ومن لا يكون له ذلك، فلو كان المُحدث ذا يسار وهو لا يحتاج إلى أخذ الأجْرة وجب عليه أن يُحدِّث بغير أجر، وإن كان لا يجد ما يعيش منه لم يكن له بدّ من أنْ يأخذ الأجر إذا انقطع للتحديث]، وانظر أيضًا: الكفاية (ص ٢٤١)؛ والمُدوَّنة (١١/ ٦١)؛ والمُحلَّى (٩/ ٢٢)؛ وفتح المغيث (٢/ ٦٦١)، تحقيق الدكتور عبد الكريم الخضير؛ وتدريب الراوي (١/ ٢٢٦).
(٢) سير أعلام النبلاء (١٣/ ٣٨٩).
(٣) محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحّاك السّلمي التّرمذي أبو عيسى، صاحب الجامع، أحد الأئمة، من الثانية عشرة، مات سنة تسع وسبعين ومائتين. انظر: تهذيب الكمال (٣/ ١٢٥٤)؛ والسير (١٣/ ٢٧٠)؛ والتقريب (٥٠٠: ٦٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>