= مخطيء ولهذا قال:(يرى أن حقًا عليه) فإنما ذم من رآه حقًا عليه، ومذهبنا أنه لا كراهة في واحد من الأمرين لكن يستحب أن ينصرف في جهة حاجته سواء كانت يمينه أو شماله فإِن استوى الجهتان في الحاجة وعدمها فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل اليمين في باب المكارم ونحوها). اهـ.
وحكى البيهقي ما يشبه هذا عن الشافعي فقال (٢/ ٢٩٥): (... قال الشافعي: فإِن لم يكن له حاجة في ناحية وكان يتوجه ما شاء: أحببت أن يكون توجهه عن يمينه لما كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ من التيامن غير مضيق عليه في شيء من ذلك). اهـ.
وجمع الحافظ في الفتح (٢/ ٣٣٨): فمما قال -بعد أن ساق قول النووي السابق ذكره-:
ويمكن أن يجمع بينهما بوجه آخر، وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد، لأن حجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت من جهة يساره، ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر.
ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأنس رجح ابن مسعود لأنه أعلم وأسن وأجل وأكثر ملازمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأقرب إلى موقفه في الصلاة من أنس ... إلخ.
كذا في الفتح، وليس المقصود الاعتقاد الذي هو علم التوحيد كما هو بين من السياق والصحابة رضي الله عنهم متفقون في أمور الاعتقاد لا خلاف بينهم فيها.
ثم ظهر لي أن يمكن الجمع بين الحديثين بوجه آخر، وهو أن من قال كان أكثر انصرافه عن يساره، نظر إلى هيئته في حال الصلاة، ومن قال كان أكثر انصرافه عن يمينه نظر إلى هيئته في حالة استقباله القوم بعد سلامه من الصلاة فعلى هذا لا يختص الانصراف بجهة معينة، ... ثم ذكر نحو ما نقله البيهقي عن الشافعي. اهـ.
وحكى التخيير صاحب المغني (١/ ٥٩٩)، والكاساني في بدائع الصنائع (١/ ١٦٠)، والذي يظهر لي أن الأول والثاني أقوى وجوه الجمع.=