= قلت: فقد جاء في هذه الرواية أن السورتين: الأعلى والغاشية. وفي رواية الباب أنهما الأعلى والليل. ومنشأ هذا الاختلاف والله أعلم اضطراب عمارة بن زاذان، فتارة قال: الأعلى والغاشية، وتارة قال: الأعلى والليل، فإِنه كان يضطرب في حديثه بسبب سوء حفظه -كما قال البخاري-، وسبق ذلك في ترجمته.
والمحفوظ في هذا الحديث ما جاء في رواية ابن أبي شيبة الدالة على قراءة "سبح اسم ربك الأعلى"، و"هل أتاك حديث الغاشية". فإِنه يشهد لها ما في الصحيح من حديث النعمان بن بشير، وما ورد من حديث سمرة بن جندب وابن عباس رضي الله عنهم.
١ - أما حديث النعمان بن بشير. فلفظه: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في العيدين وفي الجمعة بـ: سبح اسم ربك الأعلى"، و"هل أتاك حديث الغاشية". قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقول بهما أيضًا في الصلاتين.
رواه مسلم في صحيحه (٢/ ٥٩٨: ٦٢)، واللفظ له، وكذا رواه أبو داود (١/ ٦٧٠)، والترمذي (٣/ ٥ عارضة)، وابن ماجه (١/ ٤٠٨: ١٢٨١)، والنسائي (٣/ ١٨٤)، وعبد الرزاق (٣/ ٢٩٨)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٧٦)، والدارمي (١/ ٣٧٦)، وابن الجارود في المنتقى (٢٦٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٢٠١، ٢٩٤)، وأحمد في المسند (٤/ ٢٧١، ٢٧٣)، كلهم من طريق إبراهيم بن محمَّد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم مولى النعمان بن بشير، عنه، به.
٢ - وأما حديث سمرة بن جندب. فلفظه: كان النبي -صلي الله عليه وسلم- يقرأ في العيدين بـ"سبح اسم ربك الأعلى"، و "هل أتاك حديث الغاشية".
أخرجه أحمد (٥/ ٧)، ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (١/ ق ١٦٦/ أ)، وابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ١٧٦)، والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٢٩٤)، والطبراني في الكبير (٧/ ١٨٤)، وابن حزم في المحلى (٥/ ٨٢) من طريق معبد بن خالد، عن زيد بن عقبة، عن سمرة بن جندب به. وسنده صحيح. وكذا قال العلامة الألباني في الإرواء (٣/ ١١٦).=