يقول: أحب العباد إلى الله -تعالى- الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أولئك هم أئمة الهدى ومصابيح العلم".
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَرَوِيُّ، ثنا أبو معاوية عمرو بن عبد الجبار السنجاري، ثنا عبيدة بن حسان، عن عبد الحميد بن ثابت بن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -، عن أبيه، عن جده قال: "شهدت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مجلسمًا فقال: طوبى للمخلصين، أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء".
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، ثنا سلمة بن شبيب، ثنا الوليد بن إسماعيل الحراني، ثنا شيبان بن مهران، عن خالد بن المغيرة، عن قيس، عن مكحول، عن عياض بن غنم -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: "إن من خيار أمتي فيما نبأني الملأ الأعلى في الدرجات العلى قومًا يضحكون جهرًا من سعة رحمة ربهم، ويبكون سرًا من خوف شدة عذاب ربهم، يذكرون ربهم بالغداة والعشي في بيوته الطيبة، ويدعونه بألسنتهم رغبًا ورهبًا، ويسألونه بأيديهم خفضًا ورفعًا، ويشتاقون إليه بقلوبهم عودًا وبدءًا مؤنتهم على الناس خفيفة، وعلى أنفسهم ثقيلة، يدبون في الأرض حفاة على أقدامهم دبيب النمل بغير مرح ولا بذخ ولا مثلة، يمشون بالسكينة، ويتقربون بالوسيلة، يلبسون الخلقان، ويتبعون البرهان، ويتلون الفرقان، ويقربون القربان، عليهم من الله شهود حاضرة، وأعين حافظة، ونعم ظاهرة، يتوسمون العباد، ويتفكرون في البلاد، أجسادهم في الأرض، وأعينهم في السماء، أقدامهم في الأرض، وقلوبهم في السماء، أنفسهم في الأرض، وأفئدتهم عند العرش، أرواحهم في الدنيا، وعقولهم في الآخرة، ليس لهم هم إلَّا ما أمامهم، فنورهم ومقامهم عند ربهم، ثم تلا هذه الآية: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (١٤)} ".